قوله تعالى :{ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ( 11 ) }
لما ذكر ما للمؤمنين ذكر ما للكفار فقال :
{ مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ الله } أي : بإرادته وقضائه .
وقال الفراء : يريد إلا بأمر الله .
وقيل{[56904]} : سبب نزول هذه الآية : أنَّ الكُفَّار قالوا : لو كان ما عليه المسلمون حقًّا لصانهم الله عن المصائب في الدنيا فبيّن الرب تعالى أن ما أصاب من مصيبة في نفس أو مال أو قول أو فعل يقتضي همّاً أو يوجب عقاباً آجلاً أو عاجلاً فبعلم الله وقضائه .
فإن قيل : بم يتصل قوله : { مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ الله } ؟ .
فالجواب{[56905]} : يتعلق بقوله : { فَآمِنُواْ بالله وَرَسُولِهِ } كما أن من يؤمن بالله يصدق بأنه لا تصيبه مصيبة إلا بإذن الله .
قوله : { وَمَن يُؤْمِن بالله } يصدق ويعلم أنه لا تصيبه مصيبة إلا بإذن الله { يَهْدِ قَلْبَهُ } للصبر والرضا .
وقال أبو عثمان الجيزي : من صح إيمانه يهد الله قلبه لإتباع السنة .
وقيل : { وَمَن يُؤْمِن بالله يَهْدِ قَلْبَهُ } عند المصيبة فيقول : { إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ }[ البقرة : 156 ] . قال ابن جبير .
وقال ابن عباس : هو أن يجعل في قلبه اليقين ليعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه{[56906]} .
وقال الكلبي : هو إذا ابتلي صبر وإذا أنْعِمَ عليه شكر وإذا ظلم غفر{[56907]} .
وقيل : { يَهْدِ قَلْبَهُ } إلى نَيْل الثَّواب في الجنَّة{[56908]} .
قراءة العامة : بالياء مجزوماً جواباً للشرط لتقدم ذكر الله .
وابن جبير وابن{[56909]} هرمز وطلحة والأزرق : بالنون على التعظيم .
والضحاك وأبو حفص وأبو عبد الرحمن وقتادة : «يُهْدَ » مبنياً للمفعول «قَلْبُهُ » قائم مقام الفاعل .
ومالك بن دينارٍ ، وعمرو بن دينار ، وعكرمة : «يَهْدَأ » بهمزة ساكنة «قلبه » فاعل به ، بمعنى يطمئن ويسكن .
وعمرو بن فائد : «يَهْدَا » بألف مبدلة من الهمزة كالتي قبلها ، ولم يحذفها نظراً إلى الأصل ، وهي أفصح اللغتين .
وعكرمة ومالك بن دينار أيضاً : «يَهْدَ » بحذف هذه الألف إجراء لها مُجرى الألف الأصلية ، كقول زهير : [ الطويل ]
4779 - جَرِيءٌ مَتَى يُظْلَمُ يُعَاقِبْ بظُلْمِهِ*** سريعاً ، وإلاَّ يُبْدَ بالظُّلْمِ يَظْلِمِ{[56910]}
وقد تقدم إعراب ما قبل هذه الآية وما بعدها .
{ والله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } . لا يخفى عليه تسليم من انقاد لأمره ، ولا كراهة من كرهه{[56911]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.