فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ يَهۡدِ قَلۡبَهُۥۚ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ} (11)

{ مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ الله } أي ما أصاب كل أحد من مصيبة من المصائب إلاّ بإذن الله : أي بقضائه وقدره ، قال الفراء : إلاّ بإذن الله : أي بأمر الله ، وقيل : إلاّ بعلم الله . قيل : وسبب نزولها أن الكفار قالوا : لو كان ما عليه المسلمون حقاً لصانهم الله عن المصائب في الدنيا { وَمَن يُؤْمِن بالله يَهْدِ قَلْبَهُ } أي من يصدّق ويعلم أنه لا يصيبه إلاّ ما قدّره الله عليه يهد قلبه للصبر والرضا بالقضاء . قال مقاتل بن حيان : يهد قلبه عند المصيبة فيعلم أنها من الله فيسلم لقضائه ويسترجع . وقال سعيد بن جبير : يهد قلبه عند المصيبة فيقول : { إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجعون } [ البقرة : 156 ] وقال الكلبي : هو إذا ابتلي صبر ، وإذا أنعم عليه شكر ، وإذا ظلم غفر . قرأ الجمهور : { يَهْدِ } بفتح الياء وكسر الدال : أي يهده الله ، وقرأ قتادة والسلمي والضحاك وأبو عبد الرحمن بضم الياء وفتح الدال على البناء للمفعول ، وقرأ طلحة بن مصرّف والأعرج وسعيد بن جبير وابن هرمز والأزرق : ( نهد ) بالنون ، وقرأ مالك بن دينار وعمرو بن دينار وعكرمة ( يهدأ ) بهمزة ساكنة ورفع «قلبه » : أي يطمئن ويسكن { والله بِكُلّ شَيْء عَلِيمٌ } أي بليغ العلم لا تخفى عليه من ذلك خافية .

/خ13