روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَٱلۡعَٰدِيَٰتِ ضَبۡحٗا} (1)

مقدمة السورة:

سورة العاديات

مكية في قول ابن مسعود وجابر والحسن وعكرمة وعطاء مدنية في قول أنس وقتادة وإحدى الروايتين عن ابن عباس وقد أخرج عنه البزار وابن المنذر وابن حاتم والدارقطني في الإفراد وابن مردويه أنه قال بعث صلى الله عليه وسلم خيلا فاستمرت شهرا لا يأتيه منها خبر فنزلت والعاديات الخ وآيها إحدى عشرة بلا خلاف وأخرج أبو عبيد في فضائله من مرسل الحسن أنها تعدل بنصف القرآن وأخرج ذلك محمد بن نصر من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس مرفوعا ولم أقف على سره ولما ذكر سبحانه فيما قبلها الجزاء على الخير والشر أتبع ذلك فيها بتعنيت من آثر دنياه على آخرته ولم يستعد لها بفعل الخير ولا يخفى ما في قوله تعالى هناك وأخرجت الأرض أثقالها وقوله سبحانه هنا إذا بعثر ما في القبور من المناسبة أو العلاقة على ما سمعت من أن المراد بالاتفاق ما في جوفها من الأموات أو ما يعمهم والكنوز .

{ والعاديات } الجمهور على أنه قسم لخيل الغزاة في سبيل الله تعالى التي تعدو أي تجري بسرعة نحو العدو واصل العاديات العادوات بالواو فقلت ياء لانكسار ما قبلها وقوله تعالى : { ضَبْحاً } مصدر منصوب بفعله المحذوف أي تضبح أو يضبحن ضبحا والجملة في موضع الحال وضبحها صوت أنفاسها عند عدوها وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس الخيل إذا عدت قالت اح اح فذلك ضبحها وأخرج ابن جرير عن علي كرم الله تعالى وجهه الضبح من الخيل الحمحمة ومن الإبل التنفس وفي «البحر » تصويت جهير عند العدو الشديد ليس بصهيل ولا رغاء ولا نباح بل هو غير الصوت المعتاد من صوت الحيوان الذي ينسب هو إليه وعن ابن عباس ليس يضبح من الحيوان غير الخيل والكلاب ولا يصح عنه فإن العرب استعملت الضبح في الإبل والأسود من الحيات والبوم والأرنب والثعلب وربما تسنده إلى القوس أنشد أبو حنيفة في صفتها

: حنانة من نشم أو تالب *** تضبح في الكف ضباح الثعلب

وذكر بعضهم أن أصله للثعلب فاستعير للخيل كما في قول عنترة

: والخيل تكدح حين تض *** بح في حياض الموت ضبحا

وإنه من ضبحته النار غيرت لونه ولم تبالغ فيه ويقال الضبح لونه تغير إلى السواد قليلاً وقال أبو عبيدة الضبح وكذا الضبع بمعنى العدو الشديد وعليه قيل إنه مفعول مطلق للعاديات وليس هناك فعل مقدر وجوز على تفسيره بما تقدم أن يكون نصباً على المصدرية به أيضاً لكن باعتبار أن العدو مستلزم للضبح فهو في قوة فعل الضبح ويجوز أن يكون نصباً على الحال مؤولاً باسم الفاعل بناءً على أن الأصل فيها أن تكون غير جامدة أي والعاديات ضابحات .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَٱلۡعَٰدِيَٰتِ ضَبۡحٗا} (1)

مقدمة السورة:

هذه السورة مكية ، وآياتها إحدى عشرة .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ والعاديات ضبحا 1 فالموريات قدحا 2 فالمغيرات صبحا 3 فأثرن به نقعا 4 فوسطن به جمعا 5 إن الإنسان لربه لكنود 6 وإنه على ذلك لشهيد 7 وإنه لحب الخير لشديد 8 أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور 9 وحصّل ما في الصدور 10 إن ربهم بهم يومئذ لخبير } .

ذلك قسم من الله بجزء مما خلق وهي الخيل . وهذا الصنف من الخلق كان عدة المجاهدين في الأزمنة الخالية في مجاهدتهم الكفر والكافرين . لقد كان هذا الصنف من المراكب وسيلة عظيمة يمتطيها الرجال وهم يغيرون على الظالمين لصدهم عن دين الله ، ولكفّ أذاهم وعدوانهم عن بلاد المسلمين . يقسم الله بهذا الصنف من الخلق ، وهي الخيل العادية الضابحة المغيرة بقوله : { والعاديات ضبحا } ضبحا منصوب على المصدر في موضع الحال{[4847]} . والمراد بالعاديات ، الخيل أو الأفراس التي تعدو { ضبحا } أي وهي تحمحم . وذلك من الضّبح ، وهو صوت أنفاس الخيل إذا عدت{[4848]} وقيل : المراد بها الإبل . والمعنى الأول أظهر وهو الذي عليه أكثر المفسرين .


[4847]:البان لابن النباري جـ 2 ص 528.
[4848]:مختار الصحاح ص 376.