روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَٱلنَّجۡمِ إِذَا هَوَىٰ} (1)

مقدمة السورة:

سورة النجم

وتسمى أيضا سورة النجم بدون واو وهي مكية على الإطلاق وفي الإتقان استثنى منها { الذين يجتنبون } إلى اتقى وقيل : { أفرأيت الذي تولى } الآيات التسع ومن الغريب حكاية الطبرسي عن الحسن أنه مدنية ولا أرى صحة ذلك عنه أصلا وآيها اثنتان وستون آية في الكوفي وإحدى وستون في غيره وهي كما أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود أول سورة أعلن النبي صلى الله وسلم بقراءتها فقرأها في الحرم والمشركون يسمعون وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عنه قال : أول سورة أنزلت فيها سجدة { والنجم } فسجد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وسجد الناس كلهم إلا رجلا رأيته أخذ كفا من تراب فسجد عليه فرأيته بعد ذلك قتل كافرا وهو أمية بن خلف وفي البحر أنه عليه الصلاة والسلام سجد وسجد معه المؤمنون والمشركون والجن والإنس غير أبي لهب فإنه رفع حفنة من تراب وقال : يكفي هذا فيحتمل أنه وأمية فعلا كذلك وهي شديدة المناسبة لما قبلها فإن الطور ختمت بقوله تعالى : { إدبار النجوم } وافتتحت هذه بقوله سبحانه : { والنجم } وأيضا في مفتتحها ما يؤكد رد الكفرة فيما نسبوه إليه صلى الله عليه وسلم من التقول والشعر والكهانة والجنون وذكر أبو حيان أن سبب نزولها قول المشركين : إن محمدا عليه الصلاة والسلام يختلق القرآن وذكر الجلال السيوطي في وجه مناسبتها أن الطور فيها ذكر ذرية المؤمنين وأنهم تبع لآبائهم وهذه فيها ذكر ذرية اليهود في قوله تعالى : { هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم } الآية فقد أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبري وأبو نعيم في المعرفة والواحدي عن ثابت بن الحرث الأنصاري قال : كانت اليهود إذا هلك لهم صبي صغير قالوا هو صديق فبلغ ذلك النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال : كذبت ما من نسمة يخلقها الله في بطن أمها إلا أنه شقي أو سعيد فأنزل الله تعالى عند ذلك { وهو أعلم بكم } الآية كلها وأنه تعالى لما قال هناك في المؤمنين : { ألحقنا بهم ذريتهم } الخ قائلا سبحانه هنا في الكفار أو في الكبار : { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى } خلاف ماد خل في المؤمنين الصغار ثم قال : وهذا وجه بديع في المناسبة من وادى التضاد وفي صحة كون قوله تعالى : { هو أعلم بكم } الآية نزل لما ذكر نظر عندي وكون قوله تعالى : { ألحقنا بهم ذريتهم } في الصغار لم يتفق عليه المفسرون كما سمعت غير بعيد نعم من تأمل ظهر له وجوه من المناسبات غير ما ذكر فتأمل .

بسْم الله الرحمن الرحيم { والنجم إِذَا هوى } أقسم سبحانه بجنس النجم المعروف على ما روى عن الحسن ومعمر بن المثنى ، ومنه قوله

: فباتت تعد النجم في مستحيرة *** سريع بأيدي الآكلين جمودها

ومعنى { هوى } غرب ، وقيل : طلع يقال هوى يهوى كرمى يرمي هوياً بالفتح في السقوط والغروب لمشابهته له ؛ وهوياً بالضم للعلو ، والطلوع ، وقيل : الهوى بالفتح للإصعار والهوى بالضم للانحدار ؛ وقيل : الهوى بالفتح والضم السقوط ويقال أهوى بمعنى هوى ، وفرق بعض اللغويين بينهما بأن هوى إذا انقض لغير صيد ، وأهوى إذا انقض له ، وقال الحسن . وأبو حمزة الثمالي : أقسم سبحانه بالنجوم إذا انتثرت في القيامة ، وعن ابن عباس في رواية أقسم عز وجل بالنجوم إذا انقضت في إثر الشياطين ، وقيل : المراد بالنجم معين فقال مجاهد . وسفيان : هو الثريا فإن النجم صار علماً بالغلبة لها ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : «إذا طلع النجم صباحاً ارتفعت العاهة » وقول العرب : طلع النجم عشاءاً فابتغى الراعي كساء ، طلع النجم غدية فابتغي الراعي كسية وفسر هويها بسقوطها مع الفجر ، وقيل : هو الشعري المرادة بقوله تعالى : { وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشعرى } [ النجم : 49 ] والكهان يتكلمون على المغيبات عند طلوعها ، وقيل : الزهرة وكانت تعبد ، وقال ابن عباس . ومجاهد . والفراء . ومنذر بن سعيد : { الطارق النجم } المقدار النازل من القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم ، { وَإِذَا هوى } بمعنى إذا نزل عليه مع ملك الوحي جبريل عليه والسلام ، وقال جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه : هو النبي صلى الله عليه وسلم وهويه نزوله من السماء ليلة المعراج ، وجوز على هذا أن يراد بهويه صعوده وعروجه عليه الصلاة والسلام إلى منقطع الأين ، وقيل : هو الصحابة رضي الله تعالى عنهم ، وقيل : العلماء على إرادة الجنس ، والمراد بهويهم قيل : عروجهم في معارج التوفيق إلى حضائر التحقيق ، وقيل : غوصهم في بحار الأفكار لاستخراج درر الأسرار ، وأظهر الأقوال القول بأن المراد بالنجم جنس النجم المعروف فإن أصله اسم جنس لكل كوكب ، وعلى القول بالتعيين فالأظهر القول بأنه الثريا ، ووراء هذين القولين القول بأن المراد به المقدار النازل من القرآن ، وفي الإقسام بذلك على نزاهته عليه الصلاة والسلام عن شائبة الضلال والغواية من البراعة البديعة وحسن الموقع ما لا غاية وراءه ، أما على الأولين فلأن النجم شأنه أن يهتدي به الساري إلى مسالك الدنيا كأنه قيل : { والنجم } الذي تهتدي به السابلة إلى سواء السبيل .

 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{وَٱلنَّجۡمِ إِذَا هَوَىٰ} (1)

{ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ( 1 ) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ( 2 ) وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى ( 3 ) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ( 4 ) }

أقسم الله تعالى بالثريا إذا غابت ،

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱلنَّجۡمِ إِذَا هَوَىٰ} (1)

مقدمة السورة:

سورة النجم

مكية وآياتها ثنتان وستون

قوله عز وجل : { والنجم إذا هوى } قال ابن عباس في رواية الوالبي والعوفي : يعني الثريا إذا سقطت وغابت ، وهويه مغيبه ، والعرب تسمي الثريا نجماً . وجاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : " ما طلع النجم قط وفي الأرض من العاهة شيء إلا رفع " ، وأراد بالنجم الثريا . وقال مجاهد : هي نجوم السماء كلها حين تغرب ، لفظه واحد ومعناه الجمع ، سمي الكوكب نجماً لطلوعه ، وكل طالع نجم ، يقال : نجم السن والقرن والنبت : إذا طلع . وروي عن عكرمة عن ابن عباس : أنه الرجوم من النجوم ، يعني ما ترمى به الشياطين عند استراقهم السمع . وقال أبو حمزة الثمالي : هي النجوم إذا انتثرت يوم القيامة . وقيل : المراد بالنجم القرآن ، سمي نجماً لأنه نزل نجوماً متفرقة في عشرين سنة ، وسمي التفريق : تنجيماً ، والمفرق : منجماً ، هذا قول ابن عباس في رواية عطاء ، وقول الكلبي والهوي : النزول من أعلى إلى أسفل . وقال الأخفش : النجم هو النبت الذي لا ساق له ، ومنه قوله عز وجل : { والنجم والشجر يسجدان }( الرحمن-6 ) ، وهويه سقوطه على الأرض . وقال جعفر الصادق : يعني محمداً صلى الله عليه وسلم إذ نزل من السماء إلى الأرض ليلة المعراج ، و الهوي : النزول ، يقال : هوى يهوي هوياً إذا نزل ، مثل مضى يمضي مضياً .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَٱلنَّجۡمِ إِذَا هَوَىٰ} (1)

مقدمة السورة:

بيان إجمالي للسورة

هذه السورة مكية وفيها من الآيات اثنا وستون آية . وهي حافلة بألوان التذكير والتحذير مما يريع ويثير .

والسورة بآياتها القصيرة ، وكلماتها المؤثرة العذاب ، وإيقاعها الشجي النفاذ ، كل ذلك يحيط النفس والخيال والذهن بظلال من الترويع والذكرى . على أن السورة مبدوءة بالقسم من الله - جل جلاله - بجزء من خلقه على صدق رسوله العظيم صلى الله عليه وسلم وحقيقة نبوته الميمونة ، وأنه لا ينطق عن الهوى وإنما يأتيه الوحي من السماء بالآيات والأخبار من ربه .

وفي السورة تنديد بعبادة الأصنام كاللات والعزى ومناة . وتلك أصنام مصطنعة بلهاء عكف المشركون على عبادتها سفها وضلالا إلى غير ذلك من المعاني والعبر مما فيه موعظة وذكرى للمعتبرين .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ والنجم إذا هوى 1 ما ضل صاحبكم وما غوى 2 وما ينطق عن الهوى 3 إن هو إلا وحي يوحى 4 علّمه شديد القوى 5 ذو مرة فاستوى 6 وهو بالأفق الأعلى 7 ثم دنا فتدلى 8 فكان قاب قوسين أو أدنى 9 فأوحى إلى عبده ما أوحى 10 ما كذب الفؤاد ما رأى 11 أفتمارونه على ما يرى 12 ولقد رآه نزلة أخرى 13 عند سدرة المنتهى 14 عندها جنة المأوى 15 إذ يغشى السدرة ما يغشى 16 ما زاغ البصر وما طغى 17 لقد رأى من آيات ربه الكبرى } .

أقسم الله بجزء من خلقه وهو النجم إذا هوى أي إذا سقط إلى أسفل . والمراد بالنجم ههنا الثريا إذا سقطت مع الفجر . والثريا من حيث العدد جملة نجوم . وقيل : المراد نجوم السماء جميعا حين تغرب ، فقد أقسم الله بالنجوم إذا غابت . وقيل غير ذلك .

وقد روي في هذا الصدد عن عروة بن الزبير ( رضي الله عنه ) أن عتبة بن أبي لهب وكان زوجا لبنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أراد الخروج إلى الشام فقال : لآتينّ محمدا فلأوذينّه . فأتاه فقال : يا محمد هو كافر بالنجم إذا هوى وبالذي دنا فتدلى . ثم تفل في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورد عليه ابنته وطلقها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم سلط عليه كلبا من كلابك " وكان أبو طالب حاضرا فوجم{[4369]} لها وقال : ما كان أغناك با ابن أخي عن هذه الدعوة . فرجع عتبة إلى أبيه فأخبره . ثم خرجوا إلى الشام فنزلوا منزلا فأشرف عليهم راهب من الدير فقال لهم : إن هذه أرض مسبعة ( تكثر فيها السباع ) . فقال أبو لهب لأصحابه : أغيثونا يا معشر قريش هذه الليلة . فإني أخاف على ابني من دعوة محمد . فجمعوا جمالهم وأناخوها حولهم ، وأحدقوا بعتبة فجاء الأسد يتشمّم وجوههم حتى ضرب عتبة فقتله .


[4369]:وجم، من الوجوم وهو الحزن والغيظ. والواجم، العابس المطرق لشدة الحزن.انظر القاموس المحيط جـ 4 ص 186.