تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{وَٱلنَّجۡمِ إِذَا هَوَىٰ} (1)

مقدمة السورة:

وهي مكية .

قال البخاري : حدثنا نصر بن علي ، أخبرني أبو أحمد ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن الأسود بن يزيد ، عن عبد الله قال : أولُ سورة أنزلت فيها سَجْدة : { والنَّجم } ، قال : فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد من خلفه ، إلا رجلا رأيته أخذ كفًّا من تُرَاب فسجد عليه ، فرأيته بعد ذلك قُتِل كافرًا ، وهو أمية بن خَلَف{[1]} .

وقد رواه البخاري أيضا في مواضع ، ومسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، من طرق ، عن أبي إسحاق ، به{[2]} . وقوله في الممتنع : إنه أمية بن خلف في هذه الرواية مشكل ، فإنه قد جاء من غير هذه الطريق أنه عتبة بن ربيعة .

قال الشعبي وغيره : الخالق يُقسِم بما شاء من خَلْقه ، والمخلوق لا ينبغي له أن يقسم إلا بالخالق . رواه ابن أبي حاتم .

واختلف المفسرون في معنى قوله تعالى : { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى } فقال ابن أبي نَجِيح ، عن مجاهد : يعني بالنجم : الثُّريَّا إذا سقطت مع الفجر . وكذا رُوي عن ابن عباس ، وسفيان الثوري . واختاره ابن جرير . وزعم السدي أنها الزهرة .

وقال الضحاك : { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى } إذا رُمي به الشياطين . وهذا القول له اتجاه .

وروى الأعمش ، عن مجاهد في قوله : { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى } يعني : القرآن إذا نزل . وهذه الآية كقوله تعالى : { فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ . وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ . إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ . فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ . لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ . تَنزيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [ الواقعة : 75 - 80 ] .


[1]:زيادة من أ.
[2]:ورواه ابن مردويه وأبو الشيخ كما في الدر (3/270).