هذه السورة مكية كلها . وهي فيها من القصص وأخبار السابقين من المرسلين والأمم ما فيه موعظة ومزدجر لكل ذي بال وعقل . فما يتفكر البصير في مضمونات هذه السور العظيمة حتى يغشاه الإعجاب والدهش والرهبة لعظيم ما يجد من فظائع الظالمين ، وما نزل بهم من هلاك وويلات وتدمير ؛ كقوم نوح ولوط وشعيب وقوم عاد وثمود . وكذلك قارون وفرعون وهامان ، أولئك العتاة الأشرار الذين دمّر الله عليهم وأخذهم أخذ عزيز مقتدر بما شاء من صور البلاء والتدمير جزاء طغيانهم وفسادهم وصدهم عن دين الله ومنهجه القويم للناس .
وفي السورة تنديد بالغ وتهجين شديد لأولئك المشركين الخاسرين الواهمين ، الذين يَلون الطغاة المتجبرين من الساسة الكفرة والولاة الغاشمين المتسلطين على رقاب المسلمين ، يبتغون عندهم الحظوة في الجاه أو المكانة أو الرعاية والحماية . أولئك هم الأرذال والخائرون المستخَفون من أولي القلوب الخاوية والعزائم المنهارة ، الذين يلهثون خلف الساسة المجرمين والحاكمين العتاة ؛ ليجدوا في ظلمهم وتحت سطوتهم بعض ما يبتغون من الحوائج الدنيوية المبتذلة . وأولئك في صنيعهم المهين هذا إنما مثلهم مثل الذي يثوي إلى بيت العنكبوت ليجد بين خيوطه وتحت نسيجه الواهي الحماية والرعاية . لا جرم أن { أوهن البيوت لبيت العنكبوت } .
إلى غير ذلك من القضايا ؛ كالتوصية بالفريضة الكبرى للصلاة ، ومجادلة أهل الكتاب من اليهود والنصارى بالرفق واللين وحسن الحديث .
على أن السورة كلها جاءت مبدوءة بالاستفهام الإنكاري { أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ } وذلك ليتبين للمسلمين والدعاة إلى الله أنهم مبتلون في حياتهم الدنيا بمختلف ضروب البلاء ، كيما يستبين الصادقون من الكاذبين ، والمخلصون من المنافقين ، والأقوياء من الخائرين . جعلنا الله من الثابتين الصابرين المخلصين إلى يوم الدين .
{ الم ( 1 ) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ( 2 ) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ( 3 ) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاء مَا يَحْكُمُون } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.