التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{۞ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلًا عَبۡدٗا مَّمۡلُوكٗا لَّا يَقۡدِرُ عَلَىٰ شَيۡءٖ وَمَن رَّزَقۡنَٰهُ مِنَّا رِزۡقًا حَسَنٗا فَهُوَ يُنفِقُ مِنۡهُ سِرّٗا وَجَهۡرًاۖ هَلۡ يَسۡتَوُۥنَۚ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (75)

قوله تعالى : { ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون ( 75 ) } ، ( عبدا ) ، بدل من قوله : ( مثلا ) ، بعد أن بين الله ضلال المشركين في إشراكهم بالله غيره ممن لا يملك نفعا ولا ضرا لنفسه ولا لعابده ، ضرب الله هذا المثل في اثنين :

أحدهما : عبد مملوك عاجز عن التصرف ، فلا يقدر أن يفعل شيئا لعجزه وعبوديته .

وثانيهما : حر غني قادر على التصرف في ماله ، فينفق منه سرا وعلانية . لا جرم أن الرجلين لا يستويان عندكم مع أنهما من جنس واحد ، وهي الإنسانية . فكيف إذن تشركون وتسوّون بالله- وهو الخالق القادر- ، من هو مخلوق من المخاليق كالأصنام والأوثان ؟ ! .

قوله : ( الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون ) ( الحمد ) ، معناه الشكر والثناء{[2575]} . فالله سبحانه هو المستحق لكامل الثناء والشكر دون غيره من الخلائق والعباد مما يعبد الناس وممن يجزلون لهم الإطراء والثناء . واستحقاق الله وحده لكامل الحمد والشكر ، حقيقة لا يعلمها أكثر الناس ؛ لأنهم غافلون ، سادرون في الضلالة تائهون خلف الأهواء والشهوات ، بعيدون عن منهج الله كل البعد .


[2575]:- القاموس المحيط ص 355.