الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{۞ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلًا عَبۡدٗا مَّمۡلُوكٗا لَّا يَقۡدِرُ عَلَىٰ شَيۡءٖ وَمَن رَّزَقۡنَٰهُ مِنَّا رِزۡقًا حَسَنٗا فَهُوَ يُنفِقُ مِنۡهُ سِرّٗا وَجَهۡرًاۖ هَلۡ يَسۡتَوُۥنَۚ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (75)

وقوله تعالى : { ضَرَبَ الله مَثَلاً عَبْدًا مَّمْلُوكًا } [ النحل : 75 ] .

الذي هو مثالٌ في هذه الآية هو عَبْدٌ بهذه الصفةِ ، مملوكٌ لا يَقْدِرُ على شيء من المال ، ولا أمْر نفسه ، وإنما هو مُسَخَّرٌ بإرادة سَيِّده ، مَدَبَّرٌ ، وبإزاء العبْدِ في المثالِ رجُلٌ موسَّعٌ عليه في المال ، فهو يتصرَّف فيه بإِرادته ، واختلف النَّاس في الذي له المَثَلُ ، فقال ابن عباس وقتادة : هو مَثَلُ الكافر والمؤمِنِ ، وقال مجاهد والضَّحَّاك : هذا المِثَال والمِثَالُ الآخر الذي بَعْدَه ، إِنما هو مثَالٌ للَّهِ تعالى ، والأصنامِ ، فتلك كالعَبْدِ المملوكِ الذي لا يَقْدِرُ على شيء ، واللَّه تعالى تتصرَّف قدرته دون معقب ، وكذلك فَسَّر الزَّجَّاج على نحو قول مجاهد ، وهذا التأويلُ أصوبُ ؛ لأن الآية تكُونُ من معنى ما قَبْلَها ، ومدارُها في تبْيِيِن أمْر اللَّه والردِّ على أمْر الأصنام .

وقوله : { الحمد لِلَّهِ } أي : على ظهور الحجَّة .