الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{۞ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلًا عَبۡدٗا مَّمۡلُوكٗا لَّا يَقۡدِرُ عَلَىٰ شَيۡءٖ وَمَن رَّزَقۡنَٰهُ مِنَّا رِزۡقًا حَسَنٗا فَهُوَ يُنفِقُ مِنۡهُ سِرّٗا وَجَهۡرًاۖ هَلۡ يَسۡتَوُۥنَۚ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (75)

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : { ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء } ، يعني : الكافر ، إنه لا يستطيع أن ينفق نفقة في سبيل الله ، { ومن رزقناه منا رزقاً حسناً فهو ينفق منه سراً وجهراً } ، يعني : المؤمن ، وهو المثل في النفقة .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله : { ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً } ، قال : هذا مثل ضربه الله للكافر ، رزقه الله مالاً فلم يقدم فيه خيراً ، ولم يعمل فيه بطاعة الله . { ومن رزقناه منا رزقاً حسناً } ، قال : هو المؤمن أعطاه الله مالاً رزقاً حلالاً ، فعمل فيه بطاعة الله ، وأخذه بشكر ومعرفة حق الله ، فأثابه الله على ما رزقه الرزق المقيم الدائم لأهله في الجنة . قال الله : { هل يستويان مثلاً } ، قال : لا والله لا يستويان .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : { ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقاً حسناً } ، و{ رجلين أحدهما أبكم } ، { ومن يأمر بالعدل } ، قال : كل هذا مثل إله الحق ، وما يدعون من دونه الباطل .

وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج ، عن ابن عباس في قوله : { ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء } ، قال : يعني بذلك الآلهة التي لا تملك ضراً ولا نفعاً ، ولا تقدر على شيء ينفعها ، ومن رزقناه منا رزقاً حسناً ، فهو ينفق منه سراً وجهرا ، ً قال علانية المؤمن الذي ينفق سراً وجهراً لله .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن الحسن في قوله : { ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء } ، قال : الصنم .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن الربيع بن أنس قال : إن الله ضرب الأمثال على حسب الأعمال ، فليس عمل صالح ، إلا له المثل الصالح ، وليس عمل سوء ، إلا له مثل سوء ، وقال : إن مثل العالم المتفهم ، كطريق بين شجر وجبل ، فهو مستقيم لا يعوّجه شيء ، فذلك مثل العبد المؤمن الذي قرأ القرآن وعمل به .

وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر . عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية : { ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء } ، في رجل من قريش وعبده ، في هشام بن عمر ، وهو الذي ينفق ماله سراً وجهراً ، وفي عبده أبي الجوزاء الذي كان ينهاه .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس قال : ليس للعبد طلاق إلا بإذن سيده . وقرأ : { عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء } .

وأخرج البيهقي في سننه . عن ابن عباس أنه سئل عن المملوك يتصدق بشيء ؟ فقال : { ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء } ، لا يتصدق بشيء .