معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَذَٰلِكَ دِينُ ٱلۡقَيِّمَةِ} (5)

ثم ذكر ما أمروا به في كتبهم فقال :{ وما أمروا } يعني هؤلاء الكفار ، { إلا ليعبدوا الله } يعني إلا أن يعبدوا الله ، { مخلصين له الدين } قال ابن عباس : ما أمروا في التوراة والإنجيل إلا بالإخلاص في العبادة لله موحدين ، { حنفاء } مائلين عن الأديان كلها إلى دين الإسلام ، { ويقيموا الصلاة } المكتوبة في أوقاتها ، { ويؤتوا الزكاة } عند محلها ، { وذلك } الذي أمروا به ، { دين القيمة } أي الملة والشريعة المستقيمة . أضاف الدين إلى القيمة وهي نعته ، لاختلاف اللفظين ، وأنث { القيمة } رداً بها إلى الملة . وقيل : الهاء فيه للمبالغة ، وقيل : { القيمة } هي الكتب التي جرى ذكرها ، أي وذلك دين الكتب القيمة فيما تدعو إليه وتأمر به ، كما قال : { وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه }( البقرة- 213 ) . قال النضر بن شميل : سألت الخليل بن أحمد عن قوله : { وذلك دين القيمة } فقال : { القيمة } جمع القيم ، والقيم والقائم واحد ، ومجاز الآية : وذلك دين القائمين لله بالتوحيد .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَذَٰلِكَ دِينُ ٱلۡقَيِّمَةِ} (5)

على أن الدين في أصله واضح والعقيدة في ذاتها بسيطة :

( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة )وهذه هي قاعدة دين الله على الإطلاق :

عبادة الله وحده ، وإخلاص الدين له ، والميل عن الشرك وأهله ، وإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة : ( وذلك دين القيمة ) . . عقيدة خالصة في الضمير ، وعبادة لله ، تترجم عن هذه العقيدة ، وإنفاق للمال في سبيل الله ، وهو الزكاة . . فمن حقق هذه القواعد ، فقد حقق الإيمان كما أمر به أهل الكتاب ، وكما هو في دين الله على الإطلاق . دين واحد . وعقيدة واحدة ، تتوالى بها الرسالات ، ويتوافى عليها الرسل . . دين لا غموض فيه ولا تعقيد . وعقيدة لا تدعو إلى تفرق ولا خلاف ، وهي بهذه النصاعة ، وبهذه البساطة ، وبهذا التيسير . فأين هذا من تلك التصورات المعقدة ، وذلك الجدل الكثير ?

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَذَٰلِكَ دِينُ ٱلۡقَيِّمَةِ} (5)

وقوله : { وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } كقوله { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ } [ الأنبياء : 25 ] ؛ ولهذا قال : حنفاء ، أي : مُتَحنفين عن الشرك إلى التوحيد . كقوله : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } [ النحل : 36 ] وقد تقدم تقرير الحنيف في سورة " الأنعام " {[30367]} بما أغنى عن إعادته هاهنا .

{ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ } وهي أشرف عبادات البدن ، { وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ } وهي الإحسان إلى الفقراء{[30368]} والمحاويج . { وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ } أي : الملة القائمة العادلة ، أو : الأمة المستقيمة المعتدلة .

وقد استدل كثير من الأئمة ، كالزهري والشافعي ، بهذه الآية الكريمة على أن الأعمال داخلة في الإيمان ؛ ولهذا قال : { وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ }


[30367]:- (2) عند تفسير الآية: 161.
[30368]:- (3) في أ: "الفقير".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَذَٰلِكَ دِينُ ٱلۡقَيِّمَةِ} (5)

وقرأ جمهور الناس : { مخلِصين } بكسر اللام ، وقرأ الحسن بن أبي الحسن : { مخلَصين } بفتح اللام ، وكأن { الدين } على هذه القراءة منصوب ب { بعد } أو بمعنى يدل عليه على أنه كالظرف أو الحال ، وفي هذا نظر ، وقيل لعيسى عليه السلام : من المخلص لله ؟ قال الذي يعمل العمل لله ولا يحب أن يحمده الناس عليه ، و { حنفاء } : جمع حنيف ، وهو المستقيم المائل إلى طرق الخير ، قال ابن جبير : لا تسمي العرب حنيفاً إلا من حج واختتن ، وقال ابن عباس : { حنفاء } : حجاجاً مسلمين ، و { حنفاء } نصب على الحال ، وكون { الصلاة } مع { الزكاة } في هذه الآية مع ذكر بني إسرائيل إنما دفع لمناقضة أهل الكتاب بالمدينة ، وقرأ الجمهور : «وذلك دين القيمة » على معنى الجماعة القيمة ، أو الفرقة القيمة ، وقال محمد بن الأشعث الطالقاني : هنا الكتب التي جرى ذكرها ، وقرأ بعض الناس : «وذلك الدين القيمة » ، فالهاء في «القيمة » على هذه القراءة كعلامة ونسابة ، ويتجه ذلك أيضاً على أن يجعل { الدين } بمنزلة الملة .