الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَذَٰلِكَ دِينُ ٱلۡقَيِّمَةِ} (5)

{ وَمَآ أُمِرُواْ } يعني هؤلاء الكفار { إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ } يعني إلاّ أن يعبدوا اللّه مخلصين له الدين التوحيد والطاعة { حُنَفَآءَ } مائلين عن الأديان كلها إلى دين الإسلام .

وقال ابن عباس : حجاجاً ، وقال قتادة : الحنيفية هي الختان وتحريم الأُمّهات والبنات والأخوات والعمّات والخالات ، وإقامة المناسك .

وقال سعيد بن حمزة : لا تسمي العرب حنيفاً إلاّ من حجّ واختتن { وَيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُواْ الزَّكَاةَ وَذَلِكَ } الذي ذكرت { دِينُ القَيِّمَةِ } المستقيّمة ، فأضاف الدين إلى القيّمة وهو أمر فيه اختلاف اللفظين ، وأنّث القيّمة لأنّه رجع بها إلى الملّة والشريعة ، وقيل : الهاء فيه للمبالغة .

سمعت أبا القاسم الحنبلي يقول : سمعت أبا سهل محمد بن محمد بن الأشعث الطالقاني يقول : إن القيّمة هاهنا الكتب التي جرى ذكرها ، والدين مضاف إليها على معنى : وذلك دين الكتب القيّمة فيما يدعو إليه ويأمر به ، نظيرها قوله سبحانه :{ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ } [ البقرة : 213 ] .

وقال النضر بن شميل : سألت الخليل بن أحمد عن قوله سبحانه : { وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ } فقال : القيّمة جمع القيّم ، والقيّم [ والقائم ] واحد ، ومجاز الآية : وذلك دين القائمين لك بالتوحيد .