المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَذَٰلِكَ دِينُ ٱلۡقَيِّمَةِ} (5)

وقرأ جمهور الناس : { مخلِصين } بكسر اللام ، وقرأ الحسن بن أبي الحسن : { مخلَصين } بفتح اللام ، وكأن { الدين } على هذه القراءة منصوب ب { بعد } أو بمعنى يدل عليه على أنه كالظرف أو الحال ، وفي هذا نظر ، وقيل لعيسى عليه السلام : من المخلص لله ؟ قال الذي يعمل العمل لله ولا يحب أن يحمده الناس عليه ، و { حنفاء } : جمع حنيف ، وهو المستقيم المائل إلى طرق الخير ، قال ابن جبير : لا تسمي العرب حنيفاً إلا من حج واختتن ، وقال ابن عباس : { حنفاء } : حجاجاً مسلمين ، و { حنفاء } نصب على الحال ، وكون { الصلاة } مع { الزكاة } في هذه الآية مع ذكر بني إسرائيل إنما دفع لمناقضة أهل الكتاب بالمدينة ، وقرأ الجمهور : «وذلك دين القيمة » على معنى الجماعة القيمة ، أو الفرقة القيمة ، وقال محمد بن الأشعث الطالقاني : هنا الكتب التي جرى ذكرها ، وقرأ بعض الناس : «وذلك الدين القيمة » ، فالهاء في «القيمة » على هذه القراءة كعلامة ونسابة ، ويتجه ذلك أيضاً على أن يجعل { الدين } بمنزلة الملة .