معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞وَلَوۡ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ ٱسۡتِعۡجَالَهُم بِٱلۡخَيۡرِ لَقُضِيَ إِلَيۡهِمۡ أَجَلُهُمۡۖ فَنَذَرُ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ} (11)

قوله تعالى : { ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير } ، قال ابن عباس : هذا في قول الرجل عند الغضب لأهله وولده : لعنكم الله ، ولا بارك الله فيكم . قال قتادة : هو دعاء الرجل على نفسه وأهله وماله بما يكره أن يستجاب . معناه : لو يعجل الله الناس إجابة دعائهم في الشر والمكروه استعجالهم بالخير ، أي : كما يحبون استعجالهم بالخير ، { لقضي إليهم أجلهم } ، قرأ ابن عامر ويعقوب : " لقضي " بفتح القاف والضاد ، { أجلهم } نصب ، أي : لأهلك من دعا عليه وأماته . وقال الآخرون : { لقضي } بضم القاف وكسر الضاد { أجلهم } رفع ، أي : لفرغ من هلاكهم وماتوا جميعا . وقيل : إنها نزلت في النضر بن الحارث حين قال : { اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء } الآية [ الأنفال-32 ] يدل عليه قوله عز وجل : { فنذر الذين لا يرجون لقاءنا } ، لا يخافون البعث والحساب ، { في طغيانهم يعمهون } . أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران ، حدثنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار ، أنبأنا أحمد بن منصور الزيادي ، حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن همام بن منبه ، أنه سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم إني اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه ، فإنما أنا بشر فيصدر مني ما يصدر من البشر فأي المؤمنين آذيته ، أو شتمته ، أو جلدته ، أو لعنته فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة ، تقربه بها إليك يوم القيامة " .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞وَلَوۡ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ ٱسۡتِعۡجَالَهُم بِٱلۡخَيۡرِ لَقُضِيَ إِلَيۡهِمۡ أَجَلُهُمۡۖ فَنَذَرُ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ} (11)

{ 11 } { وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }

وهذا من لطفه وإحسانه بعباده ، أنه لو عجل لهم الشر إذا أتوا بأسبابه ، وبادرهم بالعقوبة على ذلك ، كما يعجل لهم الخير إذا أتوا بأسبابه { لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ } أي : لمحقتهم العقوبة ، ولكنه تعالى يمهلهم ولا يهملهم ، ويعفو عن كثير من حقوقه ، فلو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك على ظهرها من دابة .

ويدخل في هذا ، أن العبد إذا غضب على أولاده أو أهله أو ماله ، ربما دعا عليهم دعوة لو قبلت منه لهلكوا ، ولأضره ذلك غاية الضرر ، ولكنه تعالى حليم حكيم .

وقوله : { فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا } أي : لا يؤمنون بالآخرة ، فلذلك لا يستعدون لها ، ولا يعلمون ما ينجيهم من عذاب الله ، { فِي طُغْيَانِهِمْ } أي : باطلهم ، الذي جاوزوا به الحق والحد .

{ يَعْمَهُونَ } يترددون حائرين ، لا يهتدون السبيل ، ولا يوفقون لأقوم دليل ، وذلك عقوبة لهم {[392]} ، على ظلمهم ، وكفرهم بآيات الله .


[392]:- كذا في ب، وفي أ: عقوبة منه.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{۞وَلَوۡ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ ٱسۡتِعۡجَالَهُم بِٱلۡخَيۡرِ لَقُضِيَ إِلَيۡهِمۡ أَجَلُهُمۡۖ فَنَذَرُ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ} (11)

{ ولو يعجّل الله للناس الشّر } ولو يسرعه إليهم . { استعجالهم بالخير } وضع موضع تعجيله لهم بالخير إشعارا بسرعة إجابته لهم في الخير حتى كأن استعجالهم به تعجيل لهم أو بأن المراد شر استعجلوه كقولهم { فأمطر علينا حجارة من السماء } وتقدير الكلام ، ولو يعجل الله للناس الشر تعجيله للخير حين استعجلوه استعجالا كاستعجالهم بالخير ، فحذف منه ما حذف لدلالة الباقي عليه . { لُقضي إليهم أجلهم } لأميتوا وأهلكوا وقرأ ابن عامر ويعقوب " لقضى " على البناء للفاعل وهو الله تعالى وقرئ " لقضينا " . { فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون } عطف على فعل محذوف دلت عليه الشرطية كأنه قيل ؛ ولكن لا نعجل ولا نقضي فنذرهم إمهالا لهم واستدراجا .