لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{۞وَلَوۡ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ ٱسۡتِعۡجَالَهُم بِٱلۡخَيۡرِ لَقُضِيَ إِلَيۡهِمۡ أَجَلُهُمۡۖ فَنَذَرُ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ} (11)

قوله سبحانه وتعالى : { ولو يعجل الله للناس الشر } يعني ولو يعجل الله للناس إجابة دعائهم في الشر بما لهم فيه مضرة ومكروه في نفس أو مال . قال ابن عباس : هذا في قول الرجل لأهله وولده عند الغضب لعنكم الله لا بارك الله فيكم . وقال قتادة : هو دعاء الرجل على نفسه وماله وأهله وولده بما يكره أن يستجاب له فيه { استعجالهم بالخير } يعني كاستعجالهم بالخير وكما يحبون أن يعجل لهم إجابة دعائهم بالخير { لقضي إليهم أجلهم } يعني لفرغ من هلاكهم وماتوا جميعاً والتعجيل تقديم الشيء قبل وقته والاستعجال طلب العجلة .

وقال ابن قتيبة : إن الناس عند الغضب والضجر قد يدعون على أنفسهم وأهلهم وأولادهم بالموت وتعجيل البلاء كما يدعون بالرزق والرحمة وإعطاء السؤال يقال لو أجابهم الله إذا دعوه بالشر الذي يستعجلون به استعجالهم بالخير لقضى إليهم أجلهم يعني : لفرغ من هلاكهم ولكن الله عز وجل بفضله وكرمه يستجيب للداعي بالخير ولا يستجيب له في الشر . وقيل : إن هذه الآية نزلت في النضر بن الحارث حين قال إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء فعلى هذا يكون المعنى ولو يعجل الله للكافرين العذاب كما عجل لهم خير الدنيا من المال والولد لعجل قضاء آجالهم ولهلكوا جميعاً ويدل على صحة هذا القول قوله سبحانه وتعالى : { فنذر الذين لا يرجون لقاءنا } يعني فندع الذين لا يخافون عقابنا ولا يؤمنون بالبعث بعد الموت { في طغيانهم } يعني في تمردهم وعتوهم { يعمهون } يعني يترددون ( ق ) .

عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اللهم إني اتخذت عندك عهداً لن تخلفنيه فإنما أنا بشر أغضب كما يغضب البشر فأيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة واجعل ذلك كفارة له يوم القيامة » .