قوله تعالى : { إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم } أي : لها ثوابها ، { وإن أسأتم فلها } ، أي : فعليها ، كقوله تعالى : { فسلام لك } [ الواقعة – 91 ] أي : عليك . وقيل : فلها الجزاء والعقاب . { فإذا جاء وعد الآخرة } أي : المرة الآخرة من إفسادكم ، وذلك قصدهم قتل عيسى عليه السلام حين رفع ، وقتلهم يحيى بن زكريا عليهما السلام ، فسلط الله عليهم الفرس والروم ، خردوش وطيطوس حتى قتلوهم وسبوهم ونفوهم عن ديارهم ، فذلك قوله تعالى : { ليسوءوا وجوهكم } ، أي : تحزن وجوهكم ، وسوء الوجه بإدخال الغم والحزن قرأ الكسائي و يعقوب بسوء بالنون وفتح الهمزة على التعظيم ، كقوله : { وقضينا } و{ بعثنا } وقرأ ابن عامر و حمزة بالياء وفتح الهمزة على التوحيد أي : ليسوء الله وجوهكم ، وقيل : ليسوء الوعد وجوهكم . وقرأ الباقون بالياء وضم الهمزة على الجمع ، أي ليسوء العباد أولو البأس الشديد وجوهكم . { وليدخلوا المسجد } يعني : بيت المقدس ونواحيه ، { كما دخلوه أول مرة وليتبروا } ، وليهلكوا ، { ما علوا } أي : ما غلبوا عليه من بلادكم { تتبيراً } .
{ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ } لأن النفع عائد إليكم حتى في الدنيا كما شاهدتم من انتصاركم على أعدائكم . { وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } أي : فلأنفسكم يعود الضرر كما أراكم الله من تسليط الأعداء .
{ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ } أي : المرة الآخرة{[468]} التي تفسدون فيها في الأرض سلطنا عليكم الأعداء .
{ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ } بانتصارهم عليكم وسبيكم وليدخلوا المسجد الحرام كما دخلوه أول مرة ، والمراد بالمسجد مسجد بيت المقدس .
{ وَلِيُتَبِّرُوا } أي : يخربوا ويدمروا { مَا عَلَوْا } عليه { تَتْبِيرًا } فيخربوا بيوتكم ومساجدكم وحروثكم .
{ إن أحسنتم لأنفسكم } لأن ثوابه لها . { وإن أسأتم فلها } فإن وباله عليها ، وإنما ذكرها باللازم ازدواجا . { فإذا جاء وعد الآخرة } وعد عقوبة المرة الآخرة . { ليسُوءوا وجوهكم } أي بعثناهم { وليسوءوا وجوهكم } أي يجعلوها بادية آثار المساءة فيها ، فحذف لدلالة ذكره أولا عليه . وقرأ ابن عامر وحمزة أبو بكر " ليسوء " على التوحيد ، والضمير فيه للوعد أو للعبث أو لله ، ويعضده قراءة الكسائي بالنون . وقرئ " لنسوأن " بالنون والياء والنون المخففة والمثقلة ، و " لنسوأن " بفتح اللام على الأوجه الأربعة على أنه جواب إذا واللام في قوله : { وليدخلوا المسجد } متعلق بمحذوف هو بعثناهم . { كما دخلوه أول مرة وليُتبّروا } ما ليهلكوا . { ما علوا } ما غلبوه واستولوا عليه أو مدة علوهم . { تتبيرا } ذلك بأن سلط الله عليهم الفرس مرة أخرى فغزاهم ملك بابل من ملوك الطائف اسمه جودرز ، وقيل حردوس قيل دخل صاحب الجيش مذبح قرابينهم فوجد فيه دما يغلي فسألهم عنه فقالوا : دم قربان لم يقبل منا فقال : ما صدقوني فقتل عليه ألوفا منهم فلم يهدأ الدم ، ثم قال إن لم تصدقوني ما تركت منكم أحدا ، فقالوا : إنه دم يحيى فقال لمثل هذا ينتقم ربكم منكم ، ثم قال يا يحيى قد علم ربي وربك ما أصاب قومك من أجلك ، فاهدأ بإذن الله تعالى قبل أن لا أبقي أحدا منهم فهدأ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.