لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{إِنۡ أَحۡسَنتُمۡ أَحۡسَنتُمۡ لِأَنفُسِكُمۡۖ وَإِنۡ أَسَأۡتُمۡ فَلَهَاۚ فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ ٱلۡأٓخِرَةِ لِيَسُـُٔواْ وُجُوهَكُمۡ وَلِيَدۡخُلُواْ ٱلۡمَسۡجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوۡاْ تَتۡبِيرًا} (7)

{ إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم } يعني لها ثوابهاً وجزاء إحسانها { وإن أسأتم فلها } يعني فعليها إساءتها { فإذا جاء وعد الآخرة } يعني المرة الآخرة من إفسادكم وهو قصدكم قتل عيسى فخلصه الله منهم ، ورفعه إليه ، وقتلوا زكريا ويحيى عليهما السلام ، فسلط عليهم الفرس والروم فسبوهم وقتلوهم وهو قوله تعالى { ليسوءوا وجوهكم } يعني ليحزنوكم وقرئ بالنون أي ليسوء الله وجوهكم { وليدخلوا المسجد } يعني بيت المقدس ونواحيه { كما دخلوه أول مرة } يعني وقت إفسادهم الأول { وليتبروا ما علوا تتبيراً } يعني وليهلكوا ما غلبوا عليه من بلاد بني إسرائيل إهلاكاً .

ذكر القصة في هذه الآية

قال محمد بن إسحاق : كانت بنو إسرائيل فيهم الأحداث والذنوب وكان الله في ذلك متجاوزاً عنهم ومحسناً إليهم وكان أول ما نزل بسبب ذنوبهم أن ملكاً منهم كان يدعى صديقة وكان الله إذا ملّك عليهم الملك بعث معه نبياً ليسدده ويرشده ، ولا ينزل عليهم كتاباً إنما يؤمرون اتباع التوراة والأحكام التي فيها ، فلما ملك صديقة بعث الله معه شعياء وذلك قبل مبعث زكريا ويحيى وشعياء هو الذي بشر بعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم فقال : أبشري أورشليم الآن يأتيك راكب الحمار ومن بعده صاحب البعير . فملك ذلك الملك يعني صديقة بني إسرائيل وبيت المقدس زماناً ، فلما انقضى ملكه عظمت الأحداث فيهم وكان معه شعياء فبعث الله سنجاريب ملك بابل ومعه ستمائة ألف راية ، فلم يزل سائراً حتى نزل حول بيت المقدس ، والملك مريض من قرحة كانت في ساقه ، فجاء شعياء النبي إليه ، وقال : يا ملك بني إسرائيل إن سنجاريب ملك بابل ، قد نزل بك هو وجنوده ؟ بستمائة ألف راية ، وقد هابهم الناس وفرقوا منهم فكبر ذلك على الملك وقال : يا نبي الله هل أتاك من الله وحي فيما حدث فتخبرنا به وكيف يفعل الله بنا وبسنجاريب وجنوده فقال شعياء : لم يأتني وحي في ذلك فبينما هم على ذلك أوحى الله إلى شعياء النبي ، أن ائت ملك بني إسرائيل فمره أن يوصي وصيته ، ويستخلف على ملكه من يشاء من أهل بيته فأتى شعياء ملك بني إسرائيل وقال : إن ربك قد أوحى إلي أن آمرك أن توصي وصيتك وتستخلف من شئت على ملكك من أهل بيتك فإنك ميت ، فلما قال ذلك شعياء لصديقة الملك أقبل على القبلة فصلى ودعا فقال وهو يبكي ويتضرع إلى الله تعالى بقلب مخلص : اللهم رب الأرباب وإله الآلهة يا قدوس يا متقدس يا رحمن يا رحيم يا رؤوف ، يا من لا تأخذه سنة ولا نوم اذكرني بعملي وفعلي وحسن قضائي على بني إسرائيل ، وذلك كله كان منك وأنت أعلم به مني سري وعلانيتي لك . فاستجاب الله له وكان عبداً صالحاً فأوحى الله إلى شعياء أن يخبر صديقة أن ربه قد استجاب له ورحمه ، وأخر أجله خمس عشرة سنة وأنجاه من عدوه سنجاريب فأتاه شعياء فأخبره ، فلما قال له ذلك ذهب عنه الوجع وانقطع عنه الحزن وخر ساجداً لله وقال : إلهي وإله آبائي لك سجدت وسبحت وكبرت وعظمت أن الذي تعطي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء ، وتعز من تشاء وتذل من تشاء على الغيب والشهادة أنت الأول والآخر والظاهر والباطن ، وأنت ترحم وتستجيب دعوة المضطرين أنت الذي أجبت دعوتي ورحمت تضرعي ، فلما رفع رأسه أوحى الله إلى شعياء أن قل للملك صديقة فيأمر عبداً من عبيده ، فيأتيه بماء التين فيجعله على قرحته فيشفى فيصبح وقد برأ ففعل ذلك فشفي فقال الملك لشيعاء : سل ربك أن يجعل لنا علماً بما هو صانع بعدونا هذا . قال الله لشعياء : قل له إني قد كفيتك عدوك وأنجيتك منهم ، وأنهم سيصبحون موتى كلهم إلا سنجاريب ، وخمسة نفر من كتابه أحدهم بختنصر . فلما أصبحوا جاء صارخ يصرخ على باب المدينة يا ملك بني إسرائيل إن الله قد كفاك عدوك ، فاخرج فإن سنجاريب ومن معه هلكوا فخرج الملك ، والتمس سنجاريب فلم يوجد في الموتى فبعث الملك في طلبه فأدركه الطلب في مفازة ومعه خمس نفر من كتابه ، أحدهم بختنصر فجعلوهم في الجوامع ثم أتوا بهم الملك فلما رآهم خر ساجداً لله تعالى ، من حين طلعت الشمس إلى العصر ثم قال لسنجاريب : كيف رأيت فعل ربنا بكم ألم يقتلكم بحوله وقوته ونحن وأنتم غافلون ؟ فقال سنجاريب : قد أتاني خبر ربكم ونصره إياكم ورحمته التي يرحمكم بها قبل أن أخرج من بلادي فلم أطع مرشداً ولم يلقني في الشقوة إلا قلة عقلي ولو سمعت أو عقلت ما غزوتكم فقال الملك صديقة : الحمد لله رب العالمين الذي كفاناكم بما شاء ، وإن ربنا لم يمتعك ومن معك لكرامتك عليه ، ولكنه إنما أبقاك ومن معك لتزدادوا شقوة في الدنيا وعذاباً في الآخرة ولتخبروا من وراءكم بما رأيتم من فعل ربنا بكم ، فتنذروا من بعدكم ولولا ذلك لقتلك ومن معك ولدمك ودم من معك أهون على الله من دم قراد لو قتلت . ثم إن ملك بني إسرائيل أمر أمير حرسه أن يقذف في رقابهم الجوامع ، ففعل وطاف بهم سبعين يوماً حول بيت المقدس وإيلياء ، وكان يرزقهم في كل يوم خبزين من شعير لكل رجل منهم فقال سنجاريب للملك صديقة : القتل خير مما نحن فيه وما تفعل بنا فأمر بهم إلى السجن فأوحى الله إلى شعياء النبي أن قل لملك بني إسرائيل يرسل سنجاريب ومن معه لينذروا من وراءهم وليكرمهم وليحملهم حتى يبلغوا بلادهم . فبلغ ذلك شعياء للملك ففعل وخرج سنجاريب ومن معه ، حتى قدموا بابل فلما قدم جمع الناس فأخبرهم كيف فعل الله تعالى بجنوده فقال له كهانه وسحرته : يا ملك بابل قد كنا نقص عليك خبر ربهم وخبر نبيهم ووحي الله إلى نبيهم ، فلم تطعنا وهي أمة لا يستطيعها أحد مع ربهم وكان أمر سنجاريب تخويفاً لبني إسرائيل ، ثم كفاهم الله تعالى ذلك تذكرة وعبرة ثم إن سنجاريب لبث بعد ذلك سبع سنين ، ثم مات ، واستخلف على ملكه بختنصر ابن ابنه فعمل بعمله وقضى بقضائه فلبث سبع عشر سنة ثم قبض الله ملك بني إسرائيل صديقة فمرج أمر بني إسرائيل وتنافسوا الملك حتى قتل بعضهم بعضاً ، وشعياء نبيهم معهم لا يقبلون منه فلما فعلوا ذلك ، قال الله لشعياء : قم في قومك حتى أوحي على لسانك . فلما قام أطلق الله لسانه بالوحي فقال : يا سماء استمعي ويا أرض أنصتي ، فإن الله يريد أن يقص شأن بني إسرائيل الذين رباهم بنعمته واصطفاهم لنفسه وخصهم بكرامته ، وفضلهم على عباده وهم كالغنم الضائعة التي لا راعي لها ، فآوى شاردتها وجمع ضالتها وجبر كسيرها وداوى مريضها ، وأسمن مهزولها وحفظ سمينها ، فلما فعل ذلك بطرت فتناطحت كباشها فقتل بعضها بعضاً ، حتى لم يبق منها عظم صحيح يجبر إليه آخر ، فويل لهذه الأمة الخاطئة الذين لا يدرون أنى جاءهم الحين .

إن البعير مما يذكر وطنه فينتابه وأن الحمار مما يذكر الأرى الذي يشبع عليه فيراجعه وأن الثور مما يذكر المرج الذي سمن فيه فينتابه وإن هؤلاء القوم لا يذكرون من حيث جاءهم الخير ، وهم أولو الألباب والعقول ليسوا ببقر ولا حمير وإني ضارب لهم مثلاً فليسمعوه ، قل كيف ترون في أرض كان خراباً زماناً لا عمران فيها ، وكان لها رب حكيم قوي فأقبل عليها بالعمارة ، وكره أن تخرب أرضه وهو قوي أو يقال : ضيع وهو حكيم فأحاط عليها جداراً وشيد فيها قصراً وأنبط فيها نهراً وصفّ فيه غراساً من الزيتون والرمان والنخيل والأعناب وألوان الثمار كلها ، وولى ذلك واستحفظه قيّماً ذا رأي وهمة حفيظاً قوياً فلما أطلعت جاء طلعها خروباً . فقالوا : بئست الأرض هذه فنرى أن يهدم جدارها وقصرها ويدفن نهرها ، ويقبض قيّمها ويحرق غراسها حتى تصير كما كانت أول مرة خراباً مواتاً ، لا عمران فيها قال الله تعالى : قل لهم الجدار ديني والقصر شريعتي وإن النهر كتابي وأن القيّم نبيي وأن الغراس هم ، وأن الخروب الذي أطلع الغراس أعمالهم الخبيثة وإني قد قضيت عليهم قضاءهم على أنفسهم ، وأنه مثل ضربته لهم يتقربون إليّ بذبح البقر والغنم ، وليس ينالني اللحم و لا آكله ويدّعون أن يتقربوا إلي بالتقوى والكف عن ذبح الأنفس التي حرمتها ، وأيديهم مخضوبة منها وثيابهم متزملات بدمائها يشيدون لي البيوت مساجد ، ويطهرون أجوافها وينجسون قلوبهم وأجسادهم ، ويدنسونها ويزوقون لي المساجد ويزينونها ، ويخربون عقولهم وأخلاقهم ويفسدونها فأي حاجة لي إلى تشييد البيوت ولست أسكنها ، وأي حاجة إلى تزويق المساجد ولست أدخلها إنما أمرت برفعها لأذكر وأسبح فيها . يقولون : صمنا فلم يرفع صيامنا وصلينا فلم تنور صلاتنا ، وتصدقنا فلم تزكَّ صدقتنا ، ودعونا بمثل حنين الحمام وبكينا بمثل عواء الذئاب في كل ذلك لا يستجاب لنا ، قال الله : فاسألهم ما الذي يمنعني أن أستجيب لهم ألست أسمع السامعين ، وأبصر الناظرين وأقرب المجيبين وأرحم الراحمين فكيف أرفع صيامهم وهم يلبسونه بقول الزور ، ويتقوون عليه بطعمة الحرام أم كيف أنور صلاتهم وقلوبهم صاغية إلى من يحاربني ويحادني وينتهك محارمي ، أم كيف تزكو عندي صدقاتهم وهم يتصدقون بأموال غيرهم إنما آجر عليها أهلها المغصوبين أم كيف أستجيب لهم دعاءهم وإنما هو قولهم بألسنتهم ، والفعل من ذلك بعيد وإنما أستجيب للداعي اللين ، وإنما استمع قول المستضعف المستكين ، وأن من علامة رضاي رضى المساكين يقولون لما سمعوا كلامي وبلغتهم رسالتي : إنها أقاويل منقولة ، وأحاديث متواترة وتآليف مما تؤلف السحرة والكهنة ، وزعموا أنهم لو شاؤوا أن يأتوا بحديث مثله فعلوا ، ولو شاؤوا أن يطلعوا على علم الغيب بما توحي إليهم الشياطين اطلعوا ، وإني قد قضيت يوم خلقت السموات والأرض قضاء أثبته وحتمته على نفسي وجعلت دونه أجلاً مؤجلاً لا بد أنه واقع فإن صدقوا فيما ينتحلون من علم الغيب ، فليخبروك متى أنفذه أو في أي زمان يكون وإن كانوا يقدرون على أن يأتوا بما يشاؤون فليأتوا بمثل هذه القدرة التي بها أمضيت فإني مظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، وإن كانوا يقدرون على أن يؤلفوا ما يشاؤون فيؤلفوا مثل هذه الحكمة التي أدبر بها ذلك القضاء ، إن كانوا صادقين وإني قد قضيت يوم خلقت السماء والأرض ، أن أجعل النبوة في الأجراء ، وأن أجعل الملك في الرعاء والعز في الأذلاء والقوة في الضعفاء والغنى في الفقراء ، والعلم في الجهلة والحكمة في الأميين فسلهم متى هذا ومن القائم بهذا ، ومن أعوان هذا الأمر وأنصاره إن كانوا يعلمون وإني باعث لذلك نبياً أمياً ليس أعمى من عميان ، ولا ضالاً من ضالين وليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا مترين بالفحش ، ولا قوال للخنا أسدده بكل جميل وأهب له كل خلق كريم أجعل السكينة لباسه ، والبر شعاره والتقوى ضميره والحكمة معقوله والصدق والوفاء طبيعته والعفو والمعروف خلقه ، والعدل سيرته والحق شريعته والهدى إمامه والإسلام ملته وأحمد اسمه أهدي به بعد الضلالة ، وأعلم به بعد الجهالة وأرفع به بعد الخمالة وأشهر به بعد النكرة ، وأكثر به القلة وأغني به بعد العيلة ، وأجمع به بعد الفرقة وأؤلف به بين قلوب مختلفة وأهواء متشتتة وأمم متفرقة ، وأجعل أمته خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف ، وينهون عن المنكر توحيداً لي وإيماناً بي وإخلاصاً لي يصلون قياماً وقعوداً ، وركعاً وسجوداً ، ويقاتلون في سبيلي صفوفاً وزحوفاً ، ويخرجون من ديارهم وأموالهم ابتغاء مرضاتي ألهمهم التكبير ، والتوحيد والتسبيح والتحميد والتهليل والمدحة والتمجيد لي في مسيرهم ومجالسهم ، ومضاجعهم ومتقلبهم ومثواهم يكبرون ويهللون ويقدسون على رؤوس الأشراف يطهرون لي ، الوجوه والأطراف ويعقدون لي الثياب على الأنصاف قربانهم دماؤهم ، وأناجيلهم في صدورهم رهبان بالليل ليوث بالنهار ذلك فضلي أوتيه من أشاء أنا ذو الفضل العظيم . فلما فرغ شعياء من مقالته عدوا عليه ليقتلوه فهرب منهم فلقيته شجرة ، فانفلقت له فدخل فيها فأدركه الشيطان ، فأخذ بهدبة من ثوبه فأراهم إياها فوضعوا المنشار في وسطها فنشروها حتى قطعوها ، وقطعوه في وسطها واستخلف الله على بني إسرائيل بعد ذلك رجلاً منهم يقال : ناشة بن أموص وبعث لهم أرمياء بن حلقيا نبياً ، وكان من سبط هرون بن عمران ، وذكر ابن إسحاق أنه الخضر واسمه أرمياء الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء ، فقام عنه وهي تهتز خضراء فبعث الله أرمياء إلى ذلك الملك ليسدده ويرشده ، ثم عظمت الأحداث في بني إسرائيل ، وركبوا المعاصي واستحلوا المحارم فأوحى الله إلى أرمياء ، أن ائت قومك من بني إسرائيل فاقصص عليهم ما آمرك به وذكرهم نعمي وعرفهم بأحداثهم . فقال أرمياء : يا رب إني ضعيف إن لم تقوني عاجز إن لم تبلغني مخذول إن لم تنصرني قال الله تعالى : أو لم تعلم أن الأمور كلها تصدر عن مشيئتي وأن القلوب والألسنة بيدي ، أقلبها كيف شئت إني معك ، ولن يصل إليك شيء معي فقام أرمياء فيهم ، ولم يدر ما يقول فألهمه الله عز وجل في الوقت خطبة بليغة بين لهم فيها ثواب الطاعة ، وعقاب المعصية وقال في آخرها : عن الله عز وجل حلفت بعزتي لأقيضن لهم فتنة يتحير فيها الحليم ، ولأسلطن عليهم جباراً قاسياً ألبسه الهيبة ، وأنزع من صدره الرحمة يتبعه عدد مثل سواد الليل المظلم ، ثم أوحى الله إلى أرمياء أني مهلك بني إسرائيل بيافث ويافث من أهل بابل فسلط الله عليهم بختنصر فخرج من ستمائة ألف راية ودخل بيت المقدس بجنوده ووطئ الشام وقتل بني إسرائيل حتى أفناهم وخرب بيت المقدس وأمر جنده أن يملأ كل رجل منهم ترسه تراباً ، يقذفه في بيت المقدس ففعلوا ذلك حتى ملؤوه . ثم أمرهم أن يجمعوا من بلدان بيت المقدس كلهم ، فاجتمع عنده كل صغير وكبير من بني إسرائيل فاختار منهم سبعين ألف صبي ، فلما خرجت غنائم جنده وأراد أن يقسمها فيهم ، قالت له الملوك الذين كانوا معه : أيها الملك لك غنائمنا كلها واقسم بيننا هؤلاء الصبيان الذي اخترتهم من بني إسرائيل ، فقسمهم بين الملوك الذين كانوا معه فأصاب كل رجل منهم أربعة غلمان ، وفرق من بقي من بني إسرائيل ثلاث فرق ثلثاً أقرهم بالشام وثلثاً سباهم وثلثاً قتلهم وذهب بإناث بيت المقدس ، وبالصبيان السبعين ألفاً حتى أقدمهم بابل فكانت هذه الوقعة الأولى التي أنزل الله عز وجل ببني إسرائيل بظلمهم فذلك قوله سبحانه وتعالى :{ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلاَلَ الديار وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الكرة عَلَيْهِم وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخرة لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا المسجد كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً } .

/خ7