قوله تعالى : { من يشفع شفاعةً حسنةً يكن له نصيب منها ، ومن يشفع شفاعةً سيئةً يكن له كفل منها } أي : نصيب منها ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : الشفاعة الحسنة هي الإصلاح بين الناس ، والشفاعة السيئة هي المشي بالنميمة بين الناس . وقيل : الشفاعة الحسنة ، هي حسن القول في الناس ، يُنال به الثواب والخير ، والسيئة : هي : الغيبة ، وإساءة القول في الناس يُنال به الشر . وقوله { كفل منها } أي : من وزرها ، وقال مجاهد : هي شفاعة الناس بعضهم لبعض ، ويؤجر الشفيع على شفاعته وإن لم يشفع .
أخبرنا أحمد بن عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد ابن إسماعيل ، أنا سفيان الثوري عن أبي بردة ، اخبرني جدي أبو بردة عن أبيه أبي موسى رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءه رجل يسأل ، أو طالب حاجة ، أقبل علينا بوجهه ، قال : " اشفعوا تؤجروا ، ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء " .
قوله تعالى : { وكان الله على كل شيء مقيتاً } ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : مقتدراً مجازياً .
وذي ضغن كففت النفس عنه *** وكنت على إساءته مقيتاً
وقال مجاهد : شاهداً ، وقال قتادة : حافظاً ، وقيل : معناه على كل حيوان مقيتاً ، أي : يوصل القوت إليه ، وجاء في الحديث : ( كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت ويقيت ) .
{ مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا }
المراد بالشفاعة هنا : المعاونة على أمر من الأمور ، فمن شفع غيره وقام معه على أمر من أمور الخير -ومنه الشفاعة للمظلومين لمن ظلمهم- كان له نصيب من شفاعته بحسب سعيه وعمله ونفعه ، ولا ينقص من أجر الأصيل والمباشر شيء ، ومَنْ عاون غيره على أمر من الشر كان عليه كفل من الإثم بحسب ما قام به وعاون عليه . ففي هذا الحث العظيم على التعاون على البر والتقوى ، والزجر العظيم عن التعاون على الإثم والعدوان ، وقرر ذلك بقوله : { وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا } أي : شاهدًا حفيظًا حسيبًا على هذه الأعمال ، فيجازي كُلًّا ما يستحقه .
{ من يشفع شفاعة حسنة } راعى بها حق مسلم ودفع بها عنه ضرا أو جلب إليه نفعا ابتغاء لوجه الله تعالى ، ومنها الدعاء لمسلم قال عليه الصلاة والسلام : " من دعا لأخيه المسلم بظهر الغيب استجيب له وقال له الملك ولك مثل ذلك " . { يكن له نصيب منها } وهو ثواب الشفاعة والتسبب إلى الخير الواقع بها . { ومن يشفع شفاعة سيئة } يريد بها محرما . { يكن له كفل منها } نصيب من وزرها مساو لها في القدر . { وكان الله على كل شيء مقيتا } مقتدرا من أقات على الشيء إذا قدر قال :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.