فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{مَّن يَشۡفَعۡ شَفَٰعَةً حَسَنَةٗ يَكُن لَّهُۥ نَصِيبٞ مِّنۡهَاۖ وَمَن يَشۡفَعۡ شَفَٰعَةٗ سَيِّئَةٗ يَكُن لَّهُۥ كِفۡلٞ مِّنۡهَاۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ مُّقِيتٗا} (85)

{ من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها } عرفوا بأنها : إظهار لمنزلة الشفيع عند المشفع ، وإيصال المنفعة إلى المشفوع له ، فالشفاعة إذا ضم غيرك إلى جاهك ووسيلتك ؛ وهي من الشفع ، وهو الزوج في العدد ، لأنه يصير مع صاحبه شفعا ، فمن شفع شفاعة حسنة ليصلح بين اثنين استوجب الأجر ، ومن الشفاعة الحسنة الدعاء للمسلمين ، في صحيح مسلم : " من دعا لأخيه بظهر الغيب فقال الملك الموكل به آمين ولك بمثل " ، وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما يشاء " ( {[1485]} ) ؛ { ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها وكان الله على كل شيء مقيتا } مما قال الحسن ومجاهد وغيرهما : الحسنة منها- من الشفاعة- : هي التي بها روعي حق مسلم ودفع بها عنه شر أو جلب إليه خير ، وابتغي بها وجه الله ، ولم يؤخذ عليها رشوة ، وكانت في أمر جائز لا في حد من حدود الله ولا في إبطال حق من الحقوق ، والسيئة : ما كان بخلاف ذلك ؛ قال أهل اللغة : الكفل : النصيب ، { وكان الله على كل شيء مقيتا } حسيبا ، حفيظا ، مقتدرا .


[1485]:رواه البخاري في الزكاة والتوحيد، ورواه مسلم في البر؛ وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه:" ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم".