الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{مَّن يَشۡفَعۡ شَفَٰعَةً حَسَنَةٗ يَكُن لَّهُۥ نَصِيبٞ مِّنۡهَاۖ وَمَن يَشۡفَعۡ شَفَٰعَةٗ سَيِّئَةٗ يَكُن لَّهُۥ كِفۡلٞ مِّنۡهَاۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ مُّقِيتٗا} (85)

{ مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً } أي يحسن القول في الناس ويسعى في إصلاح ذات البين { يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ } أي حظ { وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً } فيسيء القول في الناس ويمشي بينهم بالنميمة والغيبة . { يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا } .

قال ابن عباس وقتادة : الكفل الوزر والإثم ، وقال الفراء وأبو عبيدة : الحظ والنصيب ، مأخوذ من قولهم : اكتفلت البعير إذا [ أدرت ] على سنامه أو موضع من ظهره كساءً وركبت عليه .

وقيل له : اكتفل لأنه لم يستعمل الظهر كلّه وإنما شغل شيئاً من الظهر .

وقال مجاهد : شفاعة حسنة وشفاعة سيئة شفاعة الناس وهم البعض .

{ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً } مقتدراً .

الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس : مقيتاً أي مقتدراً مجازياً بالحسنة حسنة يقال : أقات أي اقتدر .

قال الشاعر :

وذي ضغن كففت النفس عنه *** وكنت على مساءته مقيتاً

وأنشد النضر بن [ شميل ] :

ولا تجزع وكن ذا حفيظه *** فأني عليَّ ما ثناه لمقيت

المبرد : قتّ الشيء أقوته وأقيته أي كففته أمر قوته ، ومجاهد : شاهداً ، وقال قتادة : حافظاً ، والمقيت للشيء الحافظ له .

وقال الشاعر ، في غير هذا المعنى :

ليت شعري وأشعرن إذا ما *** قربوها منشورة ودعيت

إليّ الفضل أم عليّ إذا حوسبت *** إنّي على الحساب مقيت

أي موقوف عليه وقال الفرّاء : المقيت المقتدر أن يعطي كل رجل قوته .

وجاء في الحديث : وكفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت ويقيت ، ثم نزل في قوم بخلوا برد السلام