النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{مَّن يَشۡفَعۡ شَفَٰعَةً حَسَنَةٗ يَكُن لَّهُۥ نَصِيبٞ مِّنۡهَاۖ وَمَن يَشۡفَعۡ شَفَٰعَةٗ سَيِّئَةٗ يَكُن لَّهُۥ كِفۡلٞ مِّنۡهَاۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ مُّقِيتٗا} (85)

قوله تعالى : { مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِنْهَا } في الشفاعة الحسنة والشفاعة السيئة قولان :

أحدهما : أنه مسألة الإنسان في صاحبه أن يناله خير بمسألته أو شر بمسألته ، وهذا قول الحسن ، ومجاهد ، وابن زيد .

والثاني : أن الشفاعة الحسنة الدعاء للمؤمنين ، والشفاعة السيئة الدعاء عليهم ، لأن اليهود كانت تفعل ذلك فتوعدهُم الله عليه . وفي الكِفْلِ تأويلان :

أحدهما : أنه الوِزر والإثم ، وهو قول الحسن ، وقتادة .

والثاني : أنه النصيب ، كما قال تعالى :

{ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ }{[679]} وهو قول السدي ، والربيع ، وابن زيد .

{ وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً } فيه خمسة تأويلات :

أحدها : يعني مقتدراً ، وهو قول السدي ، وابن زيد .

والثاني : حفيظاً ، وهو قول ابن عباس ، والزجاج .

والثالث : شهيداً ، وهو قول مجاهد .

والرابع : حسيباً ، وهو قول ابن الحجاج ، ويحكى عن مجاهد أيضاً .

والخامس : مجازياً ، وأصل المقيت القوت ، فَسُمِّي به المقتدر لأنه قادر على إعطاء القوت ، ثم صار اسماً في كل مقتدر على كل شيءٍ من قوت غيره ، كما قال الزبير ابن عبد المطلب :

وذي ضَغَنٍ كَففْتُ النَّفْسَ عنه *** وكنتُ على مَسَاءَتِهِ مُقِيتاً


[679]:- آية 28 الحديد.