لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{مَّن يَشۡفَعۡ شَفَٰعَةً حَسَنَةٗ يَكُن لَّهُۥ نَصِيبٞ مِّنۡهَاۖ وَمَن يَشۡفَعۡ شَفَٰعَةٗ سَيِّئَةٗ يَكُن لَّهُۥ كِفۡلٞ مِّنۡهَاۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ مُّقِيتٗا} (85)

قوله عزّ وجلّ : { من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها } الشفاعة مأخوذة من الشفع وهو أن يصير الإنسان بنفسه شفيعاً لصاحب الحاجة حتى يجتمع معه على المسألة إلى المشفوع إليه فعلى هذا قيل إن المراد بالشفاعة المذكورة في الآية هي شفاعة الإنسان لغيره ليجلب له بشفاعته نفعاً أو يخلصه من بلاء نزل به . وقيل هي الإصلاح بين الناس وقيل معنى الآية من يصر شفعاً لوتر أصحابك يا محمد فيشفعهم في جهاد عدوهم يكن له نصيب منها أي حظ وافر من أجر شفاعته وهو ثواب الله وكرامته { ومن يشفع شفاعة سيئة } قيل هي النميمة ونقل الحديث لإيقاع العداوة بين الناس وقيل أراد بالشفاعة السيئة دعاء اليهود على المسلمين وقيل معناه من يشفع كفره بقتال المؤمنين { يكن له كفل } أي ضعف وقيل نصيب { منها } أي من وزرها { وكان الله على كل شيء مقيتاً } قال ابن عباس يعني مقتدراً أو مجازياً وأقات على الشيء قدر عليه قال الشاعر :

وذي ضغن كففت الشر عنه وكنت على إساءته مقيتا

يعني قادراً على الإساءة إليه وقيل معناه شاهداً أو حفيظاً على الأشياء ( ق ) عن أبي موسى قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً فجاء رجل يسأل فأقبل علينا بوجهه وقال : " اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء " وفي رواية كان إذا جاءه طالب حاجة أقبل على جلسائه وقال : " اشفعوا تؤجروا " وذكره .