الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{مَّن يَشۡفَعۡ شَفَٰعَةً حَسَنَةٗ يَكُن لَّهُۥ نَصِيبٞ مِّنۡهَاۖ وَمَن يَشۡفَعۡ شَفَٰعَةٗ سَيِّئَةٗ يَكُن لَّهُۥ كِفۡلٞ مِّنۡهَاۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ مُّقِيتٗا} (85)

{ والكِفْلُ } : النصيب ، إلاَّ أنَّ استعمالَه في الشر أكثر ، عكسَ النصيب ، وإنْ كان قد استُعْمِل الكِفْلُ في الخير ، قال تعالى : { يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ } وأصلُه قالوا : مستعارٌ مِنْ كِفْلِ البعير وهو كساء يدار حول سَنامِه ليُرْكَبَ ، سُمِّي بذلك لأنه لم يَعُمَّ ظهرَه كله بل نصيباً منه ، ولغلبةِ استعمالِه في الشر واستعمالِ النصيب في الخير غاير بينهما في هذه الآية الكريمة ، إذ أتى بالكِفْل مع السيئة ، والنصيب مع الحسنة . و " منها " الظاهر أن " مِنْ " هنا سببية أي : كِفْلٌ بسببها ونصيب بسببها ، ويجوز أن تكونَ ابتدائيةً . والمُقِيت : المقتدر قال :

وذي ضِغْن كَفَفْتُ الودَّ عنه *** وكنتُ على إساءته مُقيتا

أي : مقتدراً ، ومنه :

ليت شِعْري وأَشْعُرَنَّ إذا ما *** قَرَّبوها منشورةً ودُعِيتُ

ألِيَ الفضلُ أم عليَّ إذا حو *** سِبْتُ ؟ إني على الحسابُ مُقيتُ

/ قال النحاس : " هو مشتقٌّ من القُوت ، وهو مقدارُ ما يُحْفَظ به بدنُ الإِنسان من الهلاك " فأصل مُقيت : مُقوِت كمقيم .