الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{مَّن يَشۡفَعۡ شَفَٰعَةً حَسَنَةٗ يَكُن لَّهُۥ نَصِيبٞ مِّنۡهَاۖ وَمَن يَشۡفَعۡ شَفَٰعَةٗ سَيِّئَةٗ يَكُن لَّهُۥ كِفۡلٞ مِّنۡهَاۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ مُّقِيتٗا} (85)

قوله سبحانه : { مَّن يَشْفَعْ شفاعة حَسَنَةً . . . } [ النساء :85 ]

قال مجاهدٌ ، وغيره : هي في شَفَاعَاتِ النَّاس بينهم في حوائجهم ، فَمَنْ يشفعْ لينفَع ، فلَهُ نصيبٌ ، ومَنْ يشفعْ ليضُرَّ ، فله كِفْلٌ ، والكِفْلُ : النَّصيبُ ، ويستعمل في الخَيْرِ وفي الشَّرِّ ، وفي كتاب اللَّه تعالى : { يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ }[ الحديد : 28 ] ، وروى أبو داود ، عن أبي أُمَامَةَ ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، أنَّهُ قَالَ : ( مَنْ شَفَعَ لأحَدٍ شَفَاعَةً ، فأهدى لَهُ هَدِيَّةً عَلَيْهَا ، فَقَبِلَهَا ، فَقَدْ أتى بَاباً عَظِيماً مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا ) انتهى .

و{ مُّقِيتاً } معناه : قديراً ، ومنه قولُ الزُّبَيْر بْنِ عبدِ المُطَّلِبِ :[ الوافر ]

وَذِي ضِغْنٍ كَفَفْتُ النَّفْسَ عَنْه *** وَكُنْتُ على إسَاءَتِهِ مُقِيتَا

أيْ : قديراً .

وقيل : مُقِيتاً : معناه شهيداً ، وقيل : حفيظاً .

وذهب مقاتلٌ إلى أنه الذي يَقُوتُ كلَّ حيوان ، قال الداوديُّ : قال الكلبيُّ : المَقِيتُ هو المُقْدِرُ بلُغَة قُرَيْشٍ ، انتهى .