معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَحِيلَ بَيۡنَهُمۡ وَبَيۡنَ مَا يَشۡتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشۡيَاعِهِم مِّن قَبۡلُۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ فِي شَكّٖ مُّرِيبِۭ} (54)

قوله تعالى : { وحيل بينهم وبين ما يشتهون } أي : الإيمان والتوبة والرجوع إلى الدنيا . وقيل : نعيم الدنيا وزهرتها ، { كما فعل بأشياعهم } أي : بنظرائهم ومن كان على مثل حالهم من الكفار ، { من قبل } أي : لم يقبل منهم الإيمان والتوبة في وقت اليأس ، { إنهم كانوا في شك } من البعث ونزول العذاب بهم ، { مريب } موقع لهم الريبة والتهمة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَحِيلَ بَيۡنَهُمۡ وَبَيۡنَ مَا يَشۡتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشۡيَاعِهِم مِّن قَبۡلُۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ فِي شَكّٖ مُّرِيبِۭ} (54)

{ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ } من الشهوات واللذات ، والأولاد ، والأموال ، والخدم ، والجنود ، قد انفردوا بأعمالهم ، وجاءوا فرادى ، كما خلقوا ، وتركوا ما خولوا ، وراء ظهورهم ، { كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ } من الأمم السابقين ، حين جاءهم الهلاك ، حيل بينهم وبين ما يشتهون ، { إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ } أي : محدث الريبة وقلق القلب فلذلك ، لم يؤمنوا ، ولم يعتبوا حين استعتبوا .

تم تفسير سورة سبأ - وللّه الحمد والمنة ، والفضل ، ومنه العون ، وعليه التوكل ، وبه الثقة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَحِيلَ بَيۡنَهُمۡ وَبَيۡنَ مَا يَشۡتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشۡيَاعِهِم مِّن قَبۡلُۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ فِي شَكّٖ مُّرِيبِۭ} (54)

43

( وحيل بينهم وبين ما يشتهون ) . . من الإيمان في غير موعده ، والإفلات من العذاب الذي يشهدونه ، والنجاة من الخطر الذي يواجهونه . ( كما فعل بأشياعهم من قبل ) . . ممن أخذهم الله ، فطلبوا النجاة بعد نفاذ الأمر ، وبعد أن لم يعد منه مفر .

( إنهم كانوا في شك مريب ) . . فها هو ذا اليقين بعد الشك المريب !

وهكذا تختم السورة في هذا الإيقاع السريع العنيف الشديد . وتختم بمشهد من مشاهد القيامة ؛ يثبت القضية التي عليها التركيز والتوكيد في السورة . كما مضى في نهاية كل شوط فيها وفي ثناياها . وقد بدأت السورة بهذه القضية وختمت بها هذا الختام العنيف .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَحِيلَ بَيۡنَهُمۡ وَبَيۡنَ مَا يَشۡتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشۡيَاعِهِم مِّن قَبۡلُۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ فِي شَكّٖ مُّرِيبِۭ} (54)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مّن قَبْلُ إِنّهُمْ كَانُواْ فِي شَكّ مّرِيبِ } .

يقول تعالى ذكره : وحيل بين هؤلاء المشركين حين فزعوا ، فلا فوت ، وأخذوا من مكان قريب ، فقالوا آمنا به وَبَينَ ما يَشْتَهُونَ حينئذ من الإيمان بما كانوا به في الدنيا قبل ذلك يكفرون ولا سبيل لهم إليه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني إسماعيل بن حفص الأبلي ، قال : حدثنا المعتمر ، عن أبي الأشهب ، عن الحسن ، في قوله : وَحيلَ بَيْنَهُم وَبَينَ ما يَشْتَهُونَ قال : حيل بينهم وبين الإيمان بالله .

حدثنا ابن بِشار ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، عن عبد الصمد ، قال : سمعت الحسن ، وسئل عن هذه الاَية وَحِيلَ بَيْنَهُم وَبَينَ ما يَشْتَهُونَ قال : حيل بينهم وبين الإيمان .

حدثني ابن أبي زياد ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا أبو الأشهب ، عن الحسن وَحِيلَ بَيْنَهُم وَبَينَ ما يَشْتَهُونَ قال : حيل بينهم وبين الإيمان .

حدثنا أحمد بن عبد الصمد الأنصاري ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد وَحِيلَ بَيْنَهُم وَبَينَ ما يَشْتَهُونَ قال : من الرجوع إلى الدنيا ليتوبوا .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَحِيلَ بَيْنَهُم وَبَينَ ما يَشْتَهُونَ كان القوم يشتهون طاعة الله أن يكونوا عملوا بها في الدنيا حين عاينوا ما عاينوا .

حدثنا الحسن بن واضح ، قال : حدثنا الحسن بن حبيب ، قال : حدثنا أبو الأشهب ، عن الحسن ، في قوله : وَحِيلَ بَيْنَهُم وَبَينَ ما يَشْتَهُونَ قال : حيل بينهم وبين الإيمان .

وقال آخرون : معنى ذلك : وحيل بينهم وبين ما يشتهون من مال وولد وزهرة الدنيا . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى قال : ثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : وَحِيلَ بَيْنَهُم وَبَينَ ما يَشْتَهُونَ قال : من مال أو ولد أو زهرة .

حدثني يونس ، قال : قال أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَحِيلَ بَيْنَهُم وَبَينَ ما يَشْتَهُونَ قال : في الدنيا التي كانوا فيها والحياة .

وإنما اخترنا القول الذي اخترناه في ذلك ، لأن القوم إنما تَمَنّوا حين عاينوا من عذاب الله ما عاينوا ، ما أخبر الله عنهم أنهم تَمَنّوه ، وقالوا آمنا به ، فقال الله : وأنى لهم تَناوُش ذلك من مكان بعيد ، وقد كفروا من قبل ذلك في الدنيا . فإذا كان ذلك كذلك ، فلأن يكون قوله : وَحِيلَ بَيْنَهُم وَبَينَ ما يَشْتَهُونَ خبرا عن أنه لا سبيل لهم إلى ما تمنوه أولى من أن يكون خبرا عن غيره .

وقوله : كمَا فُعِلَ بأشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ يقول فعلنا بهؤلاء المشركين ، فحلنا بينهم وبين ما يشتهون من الإيمان بالله عند نزول سَخَط الله بهم ، ومعاينتهم بأسه كما فعلنا بأشياعهم على كفرهم بالله من قبلهم من كفار الأمم ، فلم نقبل منهم إيمانهم في ذلك الوقت ، كما لم نقبل في مثل ذلك الوقت من ضُرَبائهم . والأشياع : جمع شِيَع ، وشِيَع : جمع شيعة ، فأشياع جمع الجمع . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح كمَا فُعِلَ بأشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ قال الكفار من قبلهم .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة كمَا فُعِلَ بأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ أي في الدنيا كانوا إذا عاينوا العذاب لم يُقبل منهم إيمان .

وقوله : إنّهُمْ كانُوا فِي شَكَ مُرِيبٍ يقول تعالى ذكره : وحيل بين هؤلاء المشركين حين عاينوا بأس الله ، وبين الإيمان : إنهم كانوا قبل في الدنيا في شكّ من نزول العذاب الذي نزل بهم وعاينوه ، وقد أخبرهم نبيهم أنهم إن لم ينيبوا مما هم عليه مقيمون من الكفر بالله ، وعبادة الأوثان أن الله مُهْلِكهم ، ومُحِلّ بهم عقوبته في عاجل الدنيا ، وآجل الاَخرة قبل نزوله بهم مريب يقول : موجب لصاحبه الذي هو به ما يَرِيبه من مكروه ، من قولهم : قد أراب الرجل : إذا أتى ريبة وركب فاحشة كما قال الراجز :

يا قَوْمُ مالي وأبا ذُؤَيْبِ ؟ *** كُنْتُ إذا أتَوْتُهُ مِنْ غَيْبِ

يَشُمّ عِطْفِي وَيَبَزّ ثَوْبِيِ *** كأنّمَا أرَبْتُهُ بِرَيْبِ

يقول : كأنما أتيت إليه ريبة .

آخر تفسير سورة سبأ