التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَحِيلَ بَيۡنَهُمۡ وَبَيۡنَ مَا يَشۡتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشۡيَاعِهِم مِّن قَبۡلُۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ فِي شَكّٖ مُّرِيبِۭ} (54)

قوله : { وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ } أي حيل بين هؤلاء المشركين المكذبين وبين ما رغبوا فيه من الإيمان والتوبة لينجوا مما حل بهم من البلاء .

قوله : { كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ } الأشياع جمع شيع ، وهذه جمع شيعة . فالأشياع جمع الجمع . وشيعة الرجل أتباعه وأنصاره . وكل قوم أمرهم واحد يتبع بعضهم رأي بعض فهم شيع ، والمراد بأشياعهم هنا : أمثالهم من الشيع الماضية{[3833]}

والمعنى : أن الله فعل بهؤلاء المشركين المكذبين من التيئيس والحيلولة دون الرجوع إلى الدنيا ليتوبوا كما فعل بالأمم الماضية التي كذبت المرسلين فإنهم لما حاق بهم بأس الله تمنوا أنهم لو آمنوا ، فلم تنفعهم توبتهم ولم تغنهم أمانيهم من سوء المصير شيئا .

قوله : { إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ } إنهم لفي شك من أمر الرسل وما أنزل الله إليهم من الحق ، وفي شك من أمر البعث والمعاد { مريب } أي موقِع لصاحبه في الريبة ، من قولهم : أراب الرجل إذا أتى ريبة وتلبّس بفاحشة{[3834]} .


[3833]:مختار الصحاح ص 353
[3834]:تفسير ابن كثير ج 3 ص 544-546 وتفسير الطبري ج 22 ص 72-76 وتفسير القرطبي ج 14 ص 314-318