فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَحِيلَ بَيۡنَهُمۡ وَبَيۡنَ مَا يَشۡتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشۡيَاعِهِم مِّن قَبۡلُۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ فِي شَكّٖ مُّرِيبِۭ} (54)

{ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ } فعل مبني للمفعول وإذا بني للفاعل يقال فيه : حال وهو فعل لا يتعدى ونائب الفاعل ضمير المصدر المفهوم من الفعل كأنه قيل : وحيل هو أي الحول ، وجعل بعضهم نائب الفاعل الظرف ، وهو بينهم ، واعترض بأنه ينبغي حينئذ أن يرفع .

{ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ } من النجاة من العذاب ومنعوا من ذلك ، وقيل : حيل بينهم وبين ما يشتهون في الدنيا من أموالهم وأهليهم ، أو حيل بينهم وبين ما يشتهون من الرجوع إلى الدنيا .

{ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ } أي بأمثالهم ونظرائهم من كفار الأمم الماضية الذين كانوا قبلهم في الدنيا سابقين عليهم في الزمان ، والأشياع جمع شيع ، وشيع : جمع شيعة ، وشيعة الرجل أتباعه وأنصاره ، وكل قوم أمرهم واحد يتبع بعضهم رأي بعض ، فهم شيع فالأشياع جمع الجمع .

{ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ } تعليل لما قبله أي في شك موقع في الريبة أو ذي ريبة من أمر الرسل والبعث والجنة والنار ، أو في التوحيد وما جاءتهم به الرسل من الدين ، يقال : أراب الرجل إذا صار ذا ريبة فهو مريب ، وقيل هو من الريب الذي هو الشك والتهمة ، فهو كما يقال : عجب عجيب وشعر شاعر وهذا رد على من زعم أن الله لا يعذب على الشك والله أعلم .