الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَحِيلَ بَيۡنَهُمۡ وَبَيۡنَ مَا يَشۡتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشۡيَاعِهِم مِّن قَبۡلُۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ فِي شَكّٖ مُّرِيبِۭ} (54)

قوله تعالى : " وحيل بينهم وبين ما يشتهون " قيل : حيل بينهم وبين النجاة من العذاب . وقيل : حيل بينهم وبين ما يشتهون في الدنيا من أموالهم وأهليهم . ومذهب قتادة أن المعنى أنهم كانوا يشتهون لما رأوا العذاب أن يقبل منهم أن يطيعوا الله جل وعز وينتهوا إلى ما يأمرهم به الله فحيل بينهم وبين ذلك ؛ لأن ذلك إنما كان في الدنيا أو قد زالت في ذلك الوقت . والأصل " حول " فقلبت حركة الواو على الحاء فانقلبت ياء ثم حذفت حركتها لثقلها . " كما فعل بأشياعهم " الأشياع جمع شيع ، وشيع جمع شيعة . " من قبل " أي بمن مضى من القرون السالفة الكافرة . " إنهم كانوا في شك " أي من أمر الرسل والبعث والجنة والنار . قيل : في الدين والتوحيد ، والمعنى واحد . " مريب " أي يستراب به ، يقال : أراب الرجل أي صار ذا ريبة ، فهو مريب . ومن قال هو من الريب الذي هو الشك والتهمة قال : يقال شك مريب ، كما يقال : عجب عجيب وشعر شاعر ، في التأكيد . ختمت السورة ، والحمد لله رب العالمين .