نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَحِيلَ بَيۡنَهُمۡ وَبَيۡنَ مَا يَشۡتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشۡيَاعِهِم مِّن قَبۡلُۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ فِي شَكّٖ مُّرِيبِۭ} (54)

ولما أشار إلى بعد الإيمان منهم عند إرادتهم تناوله عند فوات أمره وعلوه عنهم عند طعنهم فيه في دار العمل ، ترجم حالتيهم في ذلك على وجه يعم ثمرات الإيمان من دخول الجنان ورضى الرحمن بقوله : { وحيل } معبراً بصيغة المجهول مشيراً إلى أن حصول الحيلولة{[57179]} بأسهل ما يكون و{[57180]} لأن المنكي لهم{[57181]} نفس الحيلولة لا كونها من شخص معين : { بينهم وبين ما يشتهون } أي يميلون إليه ميلاً عظيماً من تأثير طعنهم وقبول إيمانهم عند رؤية{[57182]} ، البأس ومن حصول شيء من ثمراته لهم من حسن الثواب كما يرى الإنسان منهم - وهو في غمرات النار - مقعده في الجنة ، الذي كان يكون له لو آمن ولا يقدر على الوصول إليه بوجه ، وإن خيل إليه الوصول فقصده فمنع منه كان أنكى { كما فعل } أي{[57183]} بأيسر وجه { بأشياعهم } أي الذين كفروا مثلهم { من قبل } أي قبل زمانهم{[57184]} فإن حالهم كان{[57185]} كحالهم في الكفران والإيمان ، والسعادة والخسران ، ولم يختل أمرنا في أمة من الأمم ، بل كان كلما كذبت أمة رسولها أخذناها ، فإذا أذقناهم بأسنا أذعنوا وخضعوا ، فلم نقبل منهم ذلك ، ولا نفعهم شيئاً لا بالكف عن إهلاكهم ولا بإدراكهم لشيء من الخير بعد إهلاكهم

{ إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد }[ ق : 37 ] . ثم علل عدم الوصول إلى قصد{[57186]} في كل من الحالتين بقوله مؤكداً لإنكارهم أن يكون عندهم شيء من شك في شيء{[57187]} من أمرهم : { إنهم كانوا } أي في دار القبول كوناً هو كالجبلة لهم { في شك } أي في جميع ما يخبرهم به رسلنا عنا من الجزاء أو{[57188]} غير ذلك { مريب * } أي موقع في{[57189]} الريبة ، فهو بليغ في بابه كما يقال : عجب عجيب ، أو هو واقع في الريب كما يقال : شعر شاعر ، أي - ذو شعر ، فكيف يقبلون أو ينفذ طعنهم أو تحصل لهم تمرة طيبة وهم على غير بصيرة في شيء من أمرهم بل كانوا يشكون في قدرتنا وعظمتنا ، فاللائق بالحكمة أن نبين لهم العظمة بالعذاب لهم{[57190]} والثواب لأحبابنا الذين عادوهم فينا فتبين أنهم يؤمنون به{[57191]} عند{[57192]} ظهور الحمد أتم الظهور إما في الآخرة أو في مقدماتها ، فظهر سر الإفصاح بقوله " وله الحمد في الآخرة " وأنه حال سبحانه بينهم وبين ما يريدون فتبين أنه مالك كل شيء فصح أن له الحمد في الأولى وفي كل حالة - وقد تعانق آخرها مع أولها ، والتحم مقطعها بموصلها - والله{[57193]} سبحانه وتعالى هو {[57194]}المستعان{[57195]} إليه والمرجع والمآب{[57196]} .


[57179]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الحيولة.
[57180]:سقطت الواو من ظ.
[57181]:زيد من ظ وم ومد.
[57182]:زيد من ظ ومد.
[57183]:زيد من ظ وم ومد.
[57184]:زيد من ظ وم ومد.
[57185]:زيد من م ومد.
[57186]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: قصدهم.
[57187]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: شك.
[57188]:من م ومد، وفي الأصل وظ "و".
[57189]:زيد من ظ وم ومد.
[57190]:زيد من ظ وم ومد.
[57191]:زيد من ظ وم ومد.
[57192]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: بعد.
[57193]:سقط ما بين الرقمين من ظ وم ومد.
[57194]:سقط ما بين الرقمين من ظ وم ومد.
[57195]:سقط ما بين الرقمين من ظ وم ومد.
[57196]:سقط ما بين الرقمين من ظ وم ومد.