قوله تعالى : { قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا } ، وذلك أن المشركين سألوا وقالوا : أي شيء الذي حرم الله تعالى ؟ فقال عز وجل : { قل تعالوا أتل } أقرأ { ما حرم ربكم عليكم } حقاً ويقيناً ، لا ظناً وكذباً كما تزعمون . فإن قيل : ما معنا قوله : { حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا } والمحرم هو الشرك لا ترك الشرك ؟ قيل : موضع ( أن ) رفع ، معناه : هو أن لا تشركوا ، وقيل : محله نصب ، واختلفوا في وجه انتصابه ، قيل : معناه حرم عليكم أن تشركوا ، و( لا ) صلة كقوله تعالى { ما منعك أن لا تسجد } [ الأعراف :12 ] ، أي : منعك أن تسجد . وقيل : تم الكلام عند قوله { حرم ربكم } ثم قال : { عليكم أن لا تشركوا به شيئاً } على وجه الإغراء . قال الزجاج : يجوز أن يكون هذا محمولاً على المعنى ، أي : أتل عليكم تحريم الشرك ، وجائز أن يكون على معنى : أوصيكم ألا تشركوا .
قوله تعالى : { وبالوالدين إحساناً ولا تقتلوا أولادكم من إملاق } ، فقر .
قوله تعالى : { نحن نرزقكم وإياهم } ، أي : لا تئدوا بناتكم خشية العيلة ، فإني رازقكم وإياهم .
قوله تعالى : { ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن } ، ما ظهر يعني : العلانية ، وما بطن ، يعني السر ، وكان أهل الجاهلية يستقبحون الزنا في العلانية ولا يرون به بأساً في السر فحرم الله تعالى الزنا في العلانية والسر . وقال الضحاك : ما ظهر الخمر ، وما بطن الزنا .
قوله تعالى : { ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق } ، حرم الله تعالى قتل المؤمن ، والمعاهد ، إلا بالحق ، إلا بما يبيح قتله من ردة ، أو قصاص ، أو زنا يوجب الرجم . أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، ثنا أبو بكر أحمد بن الحسين الحيري ، ثنا حاجب بن أحمد الطوسي ، ثنا محمد بن حماد ، ثنا أبو معاوية عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة ) .
قوله تعالى : { ذلكم } الذي ذكرت .
القول في تأويل قوله تعالى : { قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرّمَ رَبّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُوَاْ أَوْلاَدَكُمْ مّنْ إمْلاَقٍ نّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النّفْسَ الّتِي حَرّمَ اللّهُ إِلاّ بِالْحَقّ ذَلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ لَعَلّكُمْ تَعْقِلُونَ } .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد لهؤلاء العادلين بربهم الأوثان والأصنام ، الزاعمين أن الله حرّم عليهم ما هم محرّموه من حروثهم وأنعامهم ، على ما ذكرت لك في تنزيلي عليك : تعالوا أيها القوم أقرأ عليكم ما حرّم ربكم حقّا يقينا ، لا الباطل ، تخرّصا كخرصكم على الله الكذب والفرية ظنّا ، ولكن وحيا من الله أوحاه إليّ ، وتنزيلاً أنزله عليّ ، ألا تشركوا بالله شيئا من خلقه ولا تعدلوا به الأوثان والأصنام ولا تعبدوا شيئا سواه . وَبالوَالِدَيْنِ إحْسانا يقول : وأوصى بالوالدين إحسانا . وحذف «أوصى » وأمر لدلالة الكلام عليه ومعرفة السامع بمعناه ، وقد بينا ذلك بشواهده فيما مضى من الكتاب .
وأما «أن » في قوله : أنْ لا تُشْركُوا بِهِ شَيْئا فرفع ، لأن معنى الكلام : قل تعالوا أتل ما حرّم ربكم عليكم ، هو أن لا تشركوا به شيئا . وإذا كان ذلك معناه ، كان في قوله : تُشْركُوا وجهان : الجزم بالنهي ، وتوجيهه «لا » إلى معنى النهي . والنصب على توجيه الكلام إلى الخبر ، ونصب «تشركوا » ب«ألاّ » كما يقال : أمرتك أن لا تقوم . وإن شئت جعلت «أن » في موضع نصب ردّا على «ما » وبيانا عنها ، ويكون في قوله : تُشْرِكُوا أيضا من وجهي الإعراب نحو ما كان فيه منه ، و«أن » في موضع رفع ، ويكون تأويل الكلام حينئذٍ : قل تعالوا أتل ما حرّم ربكم عليكم ، أتْلُ أن لا تشركوا به شيئا .
فإن قال قائل : وكيف يجوز أن يكون قوله تُشْرِكُوا نصبا ب«أن لا » ، أم كيف يجوز توجيه قوله : «أن لا تشركوا به » ، على معنى الخبر ، وقد عطف عليه بقوله : وَلا تَقْتُلُوا أوْلادَكُمْ مِنْ إملاقٍ وما بعد ذلك من جزم النهي ؟ قيل : جاز ذلك كما قال تعالى ذكره : قُلْ إنّي أُمِرْتُ أنْ أكُونَ أوّلَ مَنْ أسْلَمَ فجعل «أن أكون » خبرا و«أنْ » اسما ، ثم عطف عليه ، وكما قال الشاعر :
حَجّ وأوْصَى بسُلَيْمَى الأعْبُدَا ***أنْ لا تَرَى وَلا تُكَلّمْ أحَدَا
***وَلا يَزَلْ شَرابُها مُبَرّدَا ***
فجعل قوله «أن لا ترى » خبرا ، ثم عطف بالنهي ، فقال : «ولا تكلم » ، «ولا يزل » .
القول في تأويل قوله تعالى : وَلا تَقْتُلُوا أوْلادَكُمْ مِنْ إمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإيّاهُمْ .
يعني تعالى ذكره بقوله : وَلا تَقْتُلُوا أوْلادَكُمْ مِنْ إمْلاقٍ ولا تئدوا أولادكم فتقتلوهم من خشية الفقر على أنفسكم بنفقاتهم ، فإن الله هو رازقكم وإياهم ، ليس عليكم رزقهم ، فتخافوا بحياتهم على أنفسكم العجز عن أرزاقهم وأقواتهم . والإملاق : مصدر من قول القائل : أملقت من الزاد ، فأنا أُمْلِقُ إملاقا ، وذلك إذا فني زاده وذهب ماله وأفلس .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صاللح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَلا تَقْتُلُوا أوْلادَكمْ مِنْ إمْلاقٍ الإملاق : الفقر ، قتلوا أولادهم خشية الفقر .
حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله : وَلا تَقْتُلُوا أوْلادَكُمْ مِنْ إمْلاقٍ أي خشية الفاقة .
حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : وَلا تَقْتُلُوا أوْلادَكُمْ مِنْ إمْلاقٍ قال : الإملاق : الفقر .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال : قال ابن جريج ، قوله : مِنْ إمْلاقٍ قال : شياطينهم يأمرونهم أن يئدوا أولادهم خيفة العيلة .
حُدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد بن سليمان ، عن الضحاك ، في قوله : مِنْ إمْلاقٍ يعني : من خشية فقر .
القول في تأويل قوله تعالى : وَلا تَقْرَبُوا الفَوَاحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ .
يقول تعالى ذكره : ولا تقربوا الظاهر من الأشياء المحرّمة عليكم التي هي علانية بينكم لا تناكرون ركوبها ، والباطن منها الذي تأتونه سرّا في خفاء لا تجاهرون به ، فإن كلّ ذلك حرام . وقد قيل : إنما قيل لا تقربوا ما ظهر من الفواحش وما بطن ، لأنهم كانوا يستقبحون من معاني الزنا بعضا . وليس ما قالوا من ذلك بمدفوع ، غير أن دليل الظاهر من التنزيل على النهي عن ظاهر كلّ فاحشة وباطنها ، ولا خبر يقطع العذر بأنه عُنى به بعضٌ دون جميع ، وغير جائز إحالة ظاهر كتاب الله إلى باطن إلا بحجة يجب التسليم لها .
ذكر من قال ما ذكرنا من قول من قال الاَية خاصّ المعنى :
حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : وَلا تَقْرَبُوا الفَوَاحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ أما ما ظهر منها : فزواني الحوانيت ، وأما ما بطن : فما خفي .
حُدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد بن سليمان ، عن الضحاك ، قوله : وَلا تَقْرَبُوا الفَوَاحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ كان أهل الجاهلية يستسرّون بالزنا ، ويرون ذلك حلالاً ما كان سرّا ، فَحرّم الله السرّ منه والعلانية ما ظَهَرَ مِنْها يعني : العلانية وَما بَطَنَ يعني : السرّ .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله : وَلا تَقْرَبُوا الفَوَاحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ قال : كانوا في الجاهلية لا يرون بالزنا بأسا في السرّ ويستقبحونه في العلانية ، فحرّم الله الزنا في السرّ والعلانية .
وقال آخرون في ذلك بمثل الذي قلنا فيه . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : وَلا تَقْرَبُوا الفَوَاحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ : سرّها وعلانيتها .
حدثني محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، نحوه .
وقال آخرون : ماظهر نكاح الأمهات وحلائل الاَباء ، وما بطن : الزنا . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن خصيف ، عن مجاهد : وَلا تَقْرَبُوا الفَوَاحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ قال : ما ظهر : جمع بين الأختين ، وتزويج الرجل امرأة أبيه من بعده وما بطن : الزنا . وقال آخرون في ذلك بما :
حدثني إسحاق بن زياد العطار البصري ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق البلخي ، قال : حدثنا تميم بن شاكر الباهلي ، عن عيسى بن أبي حفصة ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وَلا تَقْرَبوا الفَوَاحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ قال : ما ظهر الخمر ، وما بطن : الزنا .
القول في تأويل قوله تعالى : وَلا تَقْتُلُوا النّفْسَ التي حَرّمَ اللّهُ إلاّ بالحَقّ ذَلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ لَعَلّكُمْ تَعْقِلُونَ .
يقول تعالى ذكره : قُلْ تَعَالُوْا أتْلُ ما حَرّمَ رَبّكُمْ عَلَيْكُمْ أنْ لا تُشرِكُوا بِهِ شَيئْا وَلا تَقْتُلُوا النّفْسَ التي حرّم الله إلاّ بالحَقّ يعني بالنفس التي حرّم الله قتلها : نفس مؤمن أو معاهَد . وقوله : إلا بالحَقّ يعني : بما أباح قتلها به من أن تقتل نفسا فتقتل قودا بها ، أو تزني وهي محصنة فترجم ، أو ترتدّ عن دينها الحقّ فتُقتل فذلك الحقّ الذي أباح الله جلّ ثناؤه قتل النفس التي حرّم على المؤمنين قتلها به . ذَلِكُمْ يعني : هذه الأمور التي عهد إلينا فيها ربنا أن لا نأتيه وأن لا ندعه ، هي الأمور التي أوصانا والكافرين بها أن نعمل جميعا به . لَعَلّكُمْ تَعْقِلُونَ يقول : وصاكم بذلك لعلكم تعقلون ما وصاكم به ربكم .
هذا أمر من الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يدعو جميع الخلق إلى سماع تلاوة ما حرم الله بشرع الإسلام المبعوث به إلى الأسود والأحمر ، و { تعالوا } معناه أقبلوا ، وأصله من العلو فكأن الدعاء لما كان أمراً من الداعي استعمل فيه ترفيع المدعو{[5149]} ، وتعالى هو مطاوع عالى ، إذ تفاعل هو مطاوع فاعل . و { أتل } معناه اسرد وأ نص من التلاوة التي يصح هي إتباع بعض الحروف بعضا ، و { ما } نصب بقوله { أتل } وهي بمعنى الذي ، وقال الزجّاج أن يكون قوله { أتل } معلقاً عن العمل و { ما } نصب ب { حرم } .
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه : وهذا قلق و { أن } في قوله { أن لا تشركوا } يصح أن تكون في موضع رفع الابتداءو التقدير : الأمر أن ، أو : ذلك أن ، ويصح أن تكون في موضع نصب على البدل من { ما } قاله مكي وغيره .
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه : والمعنى يبطله فتأمله ، ويصح أن يكون مفعولاً من أجله التقدير : إرادة أن لا تشركوا به شيئاً ، إلا أن هذا التأويل يخرج{ ألا تشركوا } من المتلو ويجعله سبباً لتلاوة المحرمات . و{ تشركوا } يصح أن يكون منصوباً ب { أن } ، ويتوجه أن يكون مجزوماً بالنهي وهو الصحيح في المعنى المقصود ، و { أن } قد توصل بما نصبته ، وقد توصل بالفعل المجزوم بالأمر والنهي ، و { شيئاً } عام يراد به كل معبود من دون الله ، و { إحساناً } نصب على المصدر وناصبه فعل مضمر من لفظه تقديره وأحسنوا بالوالدين إحساناً ، والمحرمات تنفك من هذه المذكورات بالمعنى وهي الإشراك والعقوق وقرب الفواحش وقتل النفس ، وقال كعب الأحبار : هذه الآيات مفتتح التوراة { بسم الله الرحمن الرحمن قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم } إلى آخر الآية ، وقال ابن عباس هذه الآيات هي المحكمات التي ذكرها الله في سورة آل عمران اجتمعت عليها شرائع الخلق ولم تنسخ قط في ملة ، وقد قيل إنها العشر الكلمات المنزلة على موسى ، وإن اعترض من قال إن { تشركوا } منصوب ب { أن } بعطف المجزومات عليه فلذلك موجود في كلام العرب ، وأنشد الطبري حجة لذلك : [ الرجز ] .
حج وأوصى بسليمى الأعْبُدا . . . أن لا ترى ولا تكلمْ أحدا
ولا يزلْ شرابُها مبرَّدا{[5150]} . . .
وقوله تعالى : { ولا تقتلوا أولادكم } الآية نهي عن عادة العرب في وأد البنات ، والولد يعم الذكر والأنثى من البنين ، و «الإملاق » الفقر وعدم المال ، قاله ابن عباس وغيره ، يقال أملق الرجل إذا افتقر .
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه : ويشبه أن يكون معناه أملق أي لم يبق له إلا الملق كما قالوا أترب إذا لم يبق له إلا التراب ، وأرمل إذا لم يبق له إلا الرمل ، والملق الحجارة السود واحدته ملقة ، وذكر منذر بن سعيد{[5151]} أن الإملاق الإنفاق ، ويقال أملق ماله بمعنى أنفقه ، وذكر أن علياً قال لامرأة أملقي من مالك ما شئت ، وذكر النقاش عن محمد بن نعيم الترمذي أنه السرف في الإنفاق ، وحكى أيضاً النقاش عن مؤرج أنه قال : الإملاق الجوع بلغة لخم .
وقوله تعالى : { ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن } نهي عام عن جميع أنواع الفواحش وهي المعاصي ، و «ظهر وبطن » حالتان تستوفيان أقسام ما جعلت له من الأشياء ، وذهب بعض المفسرين إلى أن القصد بهذه الآية أشياء مخصصات ، فقال السدي وابن عباس : { ما ظهر } هو زنا الحوانيت الشهير ، و { ما بطن } هو متخذات الأخدان ، وكانوا يستقبحون الشهير وحده فحرم الله الجميع ، وقال مجاهد { ما ظهر } هو نكاح حلائل الآباء ونحو ذلك ، و { ما بطن } هو الزنا إلى غير هذا من تخصيص لا تقوم عليه حجة ، بل هو دعوى مجردة ، وقوله تعالى : { ولا تقتلوا } الآية متضمنة تحريم قتل النفس المسلمة والمعاهدة ، ومعنى الآية { إلا بالحق } الذي يوجب قتلها وقد بينته الشريعة وهو الكفر بالله وقتل النفس والزنا بعد الإحصان والحرابة وما تشعب من هذه ، و { ذلكم } إشارة إلى هذه المحرمات ، و «الوصية » الأمر المؤكد المقرر ومنه قول الشاعر : [ الطويل ]
أجدَّكَ لم تسمعْ وَصَاةَ محمَّدٍ . . . نبيِّ الإلهِ حين أوصى وَأَشْهَدَا{[5152]}
وقوله { لعلكم } ترج بالإضافة إلينا أي من سمع هذه الوصية ترجى وقوع أثر العقل بعدها والميز بالمنافع والمضار في الدين .