الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{۞قُلۡ تَعَالَوۡاْ أَتۡلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمۡ عَلَيۡكُمۡۖ أَلَّا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡـٔٗاۖ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنٗاۖ وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَوۡلَٰدَكُم مِّنۡ إِمۡلَٰقٖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُكُمۡ وَإِيَّاهُمۡۖ وَلَا تَقۡرَبُواْ ٱلۡفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَۖ وَلَا تَقۡتُلُواْ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ} (151)

قوله : { قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم } الآية [ 152 ] .

( ألا{[22460]} تشركوا ) : ( أن ) في موضع نصب على البدل من ( ما ){[22461]} . وقيل : هي في موضع نصب على معنى : ( كراهة ألا{[22462]} تشركوا ) ، ويكون – على ذلك – المتلو عليهم غير الإشراك{[22463]} .

ويجوز أن تكون{[22464]} في موضع رفع على معنى : ( هو ( أن لا ){[22465]} تشركوا{[22466]} ) .

فيكون متلوا{[22467]} كالقول الأول ، و{ تشركوا } في موضع جزم{[22468]} على أن ( لا ) للنهي ، وهو اختيار الفراء{[22469]} ، قال : لأن بعده : ( ولا تفعلوا كذا ){[22470]} .

وإن شئت جعلت { ألا تشركوا } خبرا في موضع نصب ، كما تقول : ( أمرتك ألا تذهب إلى زيد ) ، و( ألا{[22471]} تذهب ) بالجزم والنصب{[22472]} . ولك أن تجعل { ألا تشركوا } نصبا ، وما عطفته عليه جزما على النهي{[22473]} .

قوله : { ما ظهر } : { ما } في موضع نصب بدل من { الفواحش }{[22474]} .

قوله : { ذلكم وصاكم به } : ( ذلك ){[22475]} في موضع رفع على معنى : الأمر ذلكم . ويجوز أن يكون في موضع نصب على معنى : بَيَّنَ{[22476]} ذلكم{[22477]} .

ومعنى الآية : { قل } يا محمد لهؤلاء المحرمين{[22478]} ما لم يحرمه الله عليهم : { قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم } حقا يقينا ( ووحيا ){[22479]} أوحي إلي ، ( وتنزيلا ){[22480]} أنزل علي : { ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا } أي : وأوصي بالوالدين إحسانا ، { ولا تقتلوا أولادكم من إملاق } أي : خشية الفقر ، فإن الله هو رازقكم وإياهم ، وعنى بالأولاد هنا : الموؤدة التي زين قتلها للمشركين شركاؤهم ، والإملاق : ( مصدر ( أملق ){[22481]} الرجل من ( الزاد ){[22482]} إذا فني زاده وافتقر ، { ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن } أي : الظاهر منها والباطن{[22483]} .

والظاهر : هو ما كان من الزنى الظاهر ، والباطن : هو ما كان منه في خفاء ، قاله السدي وغيره{[22484]} . وقيل : هو كل منهي عنه وكل محرم ( و ){[22485]} لا يأتونه ظاهرا ولا باطنا{[22486]} . وقيل : إنهم كانوا يستقبحون{[22487]} الزنى ( الظاهر ){[22488]} ولا يرون بأسا بالباطن{[22489]} ، فنهوا عن الظاهر والباطن ، قاله الضحاك{[22490]} . وقيل : الظاهر : الجمع بين الأختين وتزويج{[22491]} الرجل امرأة أبيه بعده ، والباطن : الزنى : قاله ابن عباس{[22492]} . وقال ابن جبير : { ما ظهر } نكاح الأمهات ، { وما بطن } : الزنى{[22493]} .

قوله : { ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق } أي : بنفس مؤمنة أو مُعَاهَدَة أو يزني{[22494]} وهو محصن ، أو يرتد عن دينه الحق ولا يعود ، { ذلكم وصاكم به } أي : هذا الذي وصاكم به وإيانا ، { لعلكم تعقلون } أي تعقلون{[22495]} ما وصاكم به{[22496]} . { عليكم } تمام إن جعلت ( أَنَّ ) رفعا{[22497]} .


[22460]:مخرومة في أ. ب د: أن لا.
[22461]:جوزه الزجاج في معانيه 2/304، والنحاس في إعرابه 1/591، ومكي في إعرابه 277، والعكبري في إعرابه 548.
[22462]:في إعراب النحاس 1/591: أن.
[22463]:ب: الامتواك. وجوزه النحاس في إعرابه 1/591، وانظر: معاني الزجاج 2/303.
[22464]:ب د: يكون.
[22465]:ب د: الا.
[22466]:انظر: إعراب مكي 277، وإعراب ابن الأنباري 1/349، وإعراب العكبري 548.
[22467]:ب: متلو.
[22468]:غير منقوطة وفي جميع النسخ. ولعل الصواب ما أثبته.
[22469]:انظر: معانيه 1/364.
[22470]:انظر: إعراب النحاس 1/591.
[22471]:ب د: أن لا.
[22472]:الحديث عن رفع (ألا تشركوا) وعن وَجْهَيْ إعراب (تشركوا) في تفسير الطبري 12/215، و216 من غير ذكر (وهو اختيار الفراء) والوجه الثاني (الجزم والنصب) جوزه الفراء في معانيه 1/364.
[22473]:انظر: معاني الفراء 1/364، وتفسير الطبري 12/216، والمعطوف جزما هو قوله: {ولا تقتلوا أولادكم} في نفس الآية.
[22474]:هو قول الزجاج في معانيه 2/304، والنحاس في إعرابه 1/591.
[22475]:د: ذلكم.
[22476]:ب: سف. د: سنين.
[22477]:د: ذلك وانظر: إعراب النحاس 1/591.
[22478]:ب : المجرمين.
[22479]:ب: موحيا. ساقطة من د.
[22480]:زيادة يقتضيها السياق.
[22481]:د: مصدر إملاق.
[22482]:أ: الزّ.
[22483]:انظر: تفسير الطبري 12/215، 217، 218، وفي التفسير الكبير 13/233: (والأولى أن لا يخصص هذا النهي بنوع معين، بل يجري على عمومه في جميع الفواحش – ظاهرها وباطنها -، لأن اللفظ عام).
[22484]:هو قول الضحاك وابن عباس في تفسير الطبري 12/219.
[22485]:ساقطة من ب.
[22486]:هو قول قتادة في تفسير الطبري 12/219.
[22487]:د: يستفبحون.
[22488]:ساقطة من د.
[22489]:ب : بالباطل.
[22490]:انظر: تفسير الطبري 12/219.
[22491]:ب: ترويح.
[22492]:عزاه الطبري في تفسيره 12/220 إلى مجاهد، وكذا في المحرر 6/179.
[22493]:أخرجه (ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس) في الدر 3/383.
[22494]:مخرومة في أ.
[22495]:ساقطة من ب.
[22496]:انظر: تفسير الطبري 12/220، و221.
[22497]:انظر: القطع 326.