أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي  
{وَلَقَدۡ جِئۡتُمُونَا فُرَٰدَىٰ كَمَا خَلَقۡنَٰكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَتَرَكۡتُم مَّا خَوَّلۡنَٰكُمۡ وَرَآءَ ظُهُورِكُمۡۖ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمۡ شُفَعَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُمۡ أَنَّهُمۡ فِيكُمۡ شُرَكَـٰٓؤُاْۚ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيۡنَكُمۡ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ} (94)

{ ولقد جئتمونا } للحساب والجزاء . { فرادى } منفردين عن الأموال والأولاد وسائر ما آثرتموه من الدنيا ، أو عن الأعوان والأوثان التي زعمتم أنها شفعاؤكم ، وهو جمع فرد والألف للتأنيث ككسالى . وقرئ " فراد " كرخال وفراد كثلاث وفردى كسكرى . { كما خلقناكم أول مرة } بدل من أنه أي على الهيئة التي ولدتم عليها في الانفراد ، أو حال ثانية إن جوز التعدد فيها ، أو حال من الضمير في { فرادى } أي مشبهين ابتداء خلقكم عراة حفاة غرلا بهما ، أو صفة مصدر { جئتمونا } أي مجيئنا كما خلقناكم . { وتركتم ما خولناكم } ما تفضلنا به عليكم في الدنيا فشغلتم به عن الآخرة . { وراء ظهوركم } ما قدمت منهم شيئا ولم تحتملوا نقيرا . { وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء } أي شركاء لله في ربوبيتكم واستحقاق عبادتكم . { لقد تقطع بينكم } أي تقطع وصلكم وتشدد جمعكم ، والبين من الأضداد يستعمل للوصل والفصل . وقيل هو الظرف أسند إليه الفعل اتساعا والمعنى : وقع التقطع بينكم ، ويشهد له قراءة نافع والكسائي وحفص عن عاصم بالنصب على إضمار الفاعل لدلالة ما قبله عليه ، أو أقيم مقام موصوفة وأصله لقد تقطع ما بينكم وقد قرئ به . { وظل عنهم } ضاع وبطل . { ما كنتم تزعمون } أنها شفعاؤكم أو أن لا بعث ولا جزاء .