إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَقَدۡ جِئۡتُمُونَا فُرَٰدَىٰ كَمَا خَلَقۡنَٰكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَتَرَكۡتُم مَّا خَوَّلۡنَٰكُمۡ وَرَآءَ ظُهُورِكُمۡۖ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمۡ شُفَعَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُمۡ أَنَّهُمۡ فِيكُمۡ شُرَكَـٰٓؤُاْۚ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيۡنَكُمۡ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ} (94)

{ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا } للحساب { فرادى } منفردين عن الأموال والأولاد وغيرِ ذلك مما آثَرْتُموه من الدنيا أو عن الأعوان والأصنامِ التي كنتم تزعُمون أنها شفعاؤكم وهو جمع فَرْد والألفُ للتأنيث ككسالى وقرئ ( فِراداً ) كرجال وفَرادَ كثلاثَ وفَرْدَى كسَكْرى { كَمَا خلقناكم أَوَّلَ مَرَّةٍ } بدل من فرادى أي على الهيئة التي ولدتم عليها في الانفراد أو حالٌ ثانية عند من يجوِّزُ تعددَها أو حال من الضمير في فرادى أي مُشْبِهين ابتداءَ خلقِكم عُراةً حُفاة غُرْلاً{[227]} بُهْماً أو صفةُ مصدرِ ( جئتمونا ) أي مجيئاً كخلقنا لكم أول مرة { وَتَرَكْتُمْ ما خوّلناكم } تفضّلناه عليكم في الدنيا فشُغِلتم به عن الآخرة { وَرَاء ظُهُورِكُمْ } ما قدمتم منه شيئاً ولم تحمِلوا نقيراً { وَمَا نرى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الذين زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء } أي شركاءُ الله تعالى في الربوبية واستحقاقِ العبادة { لَقَد تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ } أي وقع التقطعُ بينكم كما يقال : جمع بين الشيئين أي أوقع الجمعَ بينهما وقرئ ( بينُكم ) بالرفع على إسناد الفعل إلى الظرف كما يقال : قوتل أمامُكم وخلفُكم أو على أن البينَ اسمٌ للفصل والوصل أي تقطع وصلُكم وقرئ ما بينَكم { وَضَلَّ عَنكُم } أي ضاع أو غاب { ما كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } أنها شفعاؤكم أو أن لا بعثَ ولا جزاء .


[227]:غرِل الصبي: عظمت غُزْلته، وهي الجلدة التي تقطع في الختان.