الآية 94 وقوله تعالى : { ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة } يحتمل هذا ، والله أعلم ، وجوها :
[ أحدها : ]{[7451]} أي أعدناكم ، وبعثناكم فرادى بلا معين ولا ناصر { كما خلقناكم أول مرة } بلا معين ولا ناصر .
والثاني : أعيدكم وأبعثكم فرادى بلا أعوان ولا شفعاء يشفعون لكم ، ويعين{[7452]} بعَضكم بعضا ، كما خلقناكم في الابتداء لم يكن لكم شفعاء ولا أعوان .
وقيل{[7453]} : يبعثكم ، ويعيدكم بلا مال ولا شيء من الدنياوية كما خلقكم في الابتداء ، ولم يكن لكم مال ولا شيء من الدنياوية .
وجائز{[7454]} أن يكون قوله تعالى : { ولقد جئتمونا فرادى } ليس معكم ما تفتخرون به من الخدم والأموال والقرابات التي افتخرتم في الدنيا { كما خلقناكم أول مرة } .
وجائز{[7455]} أن [ يكون ]{[7456]} قوله { كما خلقناكم أول مرة } منفصلا [ عن ]{[7457]} قوله : { ولقد جئتمونا فرادى } فيكون{[7458]} جواب سؤال : أن كيف نبعث{[7459]} ؟ فقال : تبعثون{[7460]} كما خلقناكم أول مرة .
وقوله تعالى : { وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم } يحتمل [ وجهين :
أحدهما : ]{[7461]} تركتم { ما خولناكم وراء ظهوركم } ولا تلتفتون إليه ، ولا تنظرون ، كالمنبوذ وراء ظهوركم . إنما نظركم إلى أعمالكم التي قدمتموها .
والثاني : لم تقدموا { ما خولناكم } ولم تنتفعوا منه ، بل تركتموه{[7462]} { وراء ظهوركم } لا تنتفعون{[7463]} إنما منفعتكم ما قدمتموه ، وأنفقتم منه .
وقوله تعالى : { ما خولناكم } قيل : أعطيناكم ، وقيل : رزقناكم ، وقيل : مكناكم ، وهو واحد .
وقوله تعالى : { وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء } إنهم كانوا يجعلون لله شركاء في عبادته وألوهيته ، ويقولون : { هؤلاء شفعاؤنا عند الله } [ يونس : 18 ] ويقولون { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } [ الزمر : 3 ] يقول الله تعالى : { وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء } لله في عبادتكم ، وزعمتم أنهم شفعاؤكم عند الله ، بل شغلوا هم بأنفسهم ؛ يخبر عن سفههم وقلة نظرهم منهم .
وقوله تعالى : { لقد تقطع بينكم } قرئ بالرفع والنصب جميعا{[7464]} ؛ فمن قرأ بالرفع يقول : لقد تقطع تواصلكم ، ومن قرأ بالنصب يقول : لقد تقطع ما كان بينكم من التواصل وتعاون بعضكم{[7465]} بعضا في هذه الدنيا ؛ إنهم كانوا يتعارفون ، ويتناصرون{[7466]} .
يخبر أن ذلك كله ينقطع في الآخرة ، ويصير بعضهم أعداء لبعض ، ويتبرأ بعضهم من بعض كقوله تعالى : { إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا } البقرة : 166 ] وكقوله تعالى { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين } [ الزخرف : 67 ] وكقوله تعالى : { وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين } [ الأحقاف : 6 ] وكقوله تعالى : { سيكفرون بعبادتهم } الآية [ مريم : 82 ] يصير المعبودون أعداء للمعبودين ، وتصير الوصلة والمودة التي في ما بينهم في هذه الدنيا عداوة ، والرحم والقرابة [ التي كانت بينهم منقطعة ]{[7467]} حتى يفر بعضهم من بعض كقوله تعالى : { يوم يفر المرء من أخيه } { وأمه وأبيه } [ عبس : 34و 35 ] .
وقوله تعالى : { ما كنتم تزعمون } أي ذهب عنكم ، وبطل { ما كنتم تزعمون } أنهم شفعاؤكم عند الله ، وبالله العصمة والنجاة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.