التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَلَقَدۡ جِئۡتُمُونَا فُرَٰدَىٰ كَمَا خَلَقۡنَٰكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَتَرَكۡتُم مَّا خَوَّلۡنَٰكُمۡ وَرَآءَ ظُهُورِكُمۡۖ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمۡ شُفَعَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُمۡ أَنَّهُمۡ فِيكُمۡ شُرَكَـٰٓؤُاْۚ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيۡنَكُمۡ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ} (94)

قوله تعالى : ( ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء )

قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ( ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء ) ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن الكفار يأتون يوم القيامة كل واحد منهم بمفرده ليس معهم شركاؤهم ، وصرح تعالى بأن كل واحد يأتي فردا في قوله : ( وكلهم آتيه يوم القيامة فردا ) ، وقوله في هذه الآية ( كما خلقناكم أول مرة ) أي منفردين لا مال ، ولا أثاث ، ولا رقيق ، ولا خول عندكم ، حفاة عراة غرلا ، أي غير مختونين ( كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين ) .

قال مسلم : حدثنا هداب بن خالد ، حدثنا همام ، حدثنا قتادة عن مطرف ، عن أبيه ، قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ : ( ألهاكم التكاثر ) . قال : ليقول ابن آدم : مالي . مالي " قال : وهل لك يا ابن آدم ؛ من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو تصدقت فأمضيت ؟ ) .

( الصحيح 4/2273ح2958-ك الزهد و الرقائق ) .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي ( وتركتم ما خولناكم ) من المال والخدم ( وراء ظهوركم ) في الدنيا .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي أما قوله ( وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء ) فإن المشركين كانوا يزعمون أنهم كانوا يعبدون الآلهة ، لأنهم شفعاء يشفعون لهم عند الله ، وإن هذه الآلهة شركاء لله .

قوله تعالى ( لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون )

قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ( لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون ) ذكر في هذه الآية الكريمة : أن الأنداد التي كانوا يعبدونها في الدنيا تضل عنهم يوم القيامة ، وينقطع ما كان بينهم من الصلات في الدنيا وأوضح هذا المعنى في آيات كثيرة جدا كقوله ( وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء و كانوا بعبادتهم كافرين ) وقوله ( كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا ) وقوله ( إنما تعبدون من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار ومالكم من ناصرين ) .

أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد ( لقد تقطع بينكم ) ، ( البين ) ، تواصلهم في الدنيا .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ( لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون ) يعني الأرحام والمنازل .