قوله سبحانه : { وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فرادى كَمَا خلقناكم أَوَّلَ مَرَّةٍ . . . } [ الأنعام :94 ] .
هذه حكايةٌ عما يقالُ لهم بعد قَبْض أرواحهم ، واعلم أيها الأخُ ، أنَّ هذه الآية الكريمةَ ونَحْوَها من الآيِ ، وإن كان مساقها في الكُفَّار ، فللمؤمن الموقِنِ فيها مُعْتَبَرٌ ومزدَجَر ، وقد قيل : إن القبر بحْرُ النداماتِ ، وقد روى ابن المبارك في «رقائقه » بسنده ، عن أبي هريرة ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُوتُ إلاَّ نَدِمَ ، قَالُوا : وَمَا نَدَامَتُهُ ، يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : إنْ كَانَ مُحْسِناً ، نَدِمَ أن لاَّ يَكُونَ ازداد ، وإنْ كَانَ مُسِيئاً ، نَدِمَ أَن لاَّ يَكُونَ نَزَعَ ) ، انتهى .
و{ كَمَا خلقناكم أَوَّلَ مَرَّةٍ } : تشبيهاً بالاِنفراد الأول في وقت الخِلْقة ، و { خولناكم } ، معناه : أعطيناكم ، و{ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ } : إشارة إلى الدنيا ، لأنهم يتركون ذلك موجوداً .
وقوله سبحانه : { وَمَا نرى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ } : توقيفٌ على الخطأ في عبادة الأصنام ، واعتقادهم أنها تشفع وتُقَرِّب إلى اللَّه زلفى ، قال أبو حَيَّان : { وَمَا نرى } : لفظه لفظُ المستقبلِ ، وهو حكاية حال ، انتهى .
وقرأ نافع والكسائي : ( بَيْنَكُمْ ) بالنصب ، على أنه ظرْفٌ ، والتقدير : لقد تقطَّع الاِتصال والاِرتباطُ بينكم ، ونحْو هذا ، وهذا وجهٌ واضحٌ ، وعليه فسَّره الناس ، مجاهد وغيره ، وقرأ باقي السَّبْعة : ( بَيْنُكُمْ ) بالرفع ، وقرأ ابن مسعودٍ وغيره : ( لَقَد تَقَطَّعَ مَا بَيْنَكُمْ ) ، و{ ضَلَّ } ، معناه : تَلِفَ وذَهَب ، و{ مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } ، يريد : دعواهم أنها تشفَعُ ، وأنها تشاركُ اللَّه في الألوهيَّة ، تعالى اللَّه عن قولهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.