فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَقَدۡ جِئۡتُمُونَا فُرَٰدَىٰ كَمَا خَلَقۡنَٰكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَتَرَكۡتُم مَّا خَوَّلۡنَٰكُمۡ وَرَآءَ ظُهُورِكُمۡۖ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمۡ شُفَعَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُمۡ أَنَّهُمۡ فِيكُمۡ شُرَكَـٰٓؤُاْۚ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيۡنَكُمۡ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ} (94)

{ ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون 94 * إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ذلكم الله فأنى تؤفكون 95 } .

{ و } يقال هم إذا بعثوا ، والقائلون هم الملائكة وقيل هو قول الله تعالى : { لقد جئتمونا فرادى } قرئ بالتنوين وهي لغة بني تميم وبألف التأنيث للجمع وهو جمع فرد وفريد قاله الفراء ، وقال ابن قتيبة : هو جمع فردان كسكران وسكارى ، وقال الراغب : جمع فريد كأسير وأسارى ، وقيل هو اسم جمع لأن فردا لا يجمع على فرادى والمعنى جئتمونا منفردين واحدا واحدا كل واحد منفرد عن أهله وماله وولده وما كان يعبده من دون الله فلم ينتفع بشيء من ذلك .

قال سعيد بن جبير : كيوم ولد يرد عليه كل شيء نقص منه يوم ولد ، وعن عكرمة قال : قال النضر بن الحرث سوف تشفع لي اللات والعزى فنزلت هذه الآية .

{ كما خلقناكم أول مرة } أي على الصفة التي كنتم عليها عند خروجكم من بطون أمهاتكم حفاة عراة غرلا يعني : خلقا كما ولدتكم أمهاتكم في أول مرة في الدنيا ولا شيء عليكم ولا معكم .

{ وتركتم ما خولناكم } أي ما أعطيناكم من المال والولد والخدم في الدنيا ، والخول ما أعطاه الله للإنسان من متاع الدنيا { وراء ظهوركم } أي تركتم ذلك خلفكم لم تأتونا بشيء منه ولا انتفعتم به بوجه من الوجوه .

{ وما نرى معكم شفعاءكم الذين } عبدتموهم وقلتم ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى و { زعمتم أنهم فيكم شركاء } لله وقيل لقد تقطع الأمر بينكم ، وقرأ ابن مسعود لقد تقطع ما بينكم وقرئ بينكم برفع النون ومعناه وصلكم والبين من الأضداد يكون وصلا ويكون هجرا { وضل عنكم ما كنتم تزعمون } في الدنيا من الشركاء والشرك وحيل بينكم وبينهم .