نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُۚ لَا تَأۡخُذُهُۥ سِنَةٞ وَلَا نَوۡمٞۚ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ مَن ذَا ٱلَّذِي يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيۡءٖ مِّنۡ عِلۡمِهِۦٓ إِلَّا بِمَا شَآءَۚ وَسِعَ كُرۡسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۖ وَلَا يَـُٔودُهُۥ حِفۡظُهُمَاۚ وَهُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡعَظِيمُ} (255)

ولما ابتدأ سبحانه وتعالى الفاتحة كما مضى بذكر الذات ، ثم{[12270]} تعرف بالأفعال لأنها مشاهدات ، ثم رقى الخطاب إلى التعريف بالصفات ، ثم أعلاه رجوعاً إلى الذات للتأهل للمعرفة ابتدأ هذه السورة بصفة الكلام لأنها أعظم المعجزات وأبينها وأدلها على غيب الذات وأوقعها في النفوس لا سيما عند العرب ، ثم تعرف بالأفعال فأكثر منها . فلما لم يبق{[12271]} لبس{[12272]} أثبت الوحدانية بآيتها السابقة مخللاً{[12273]} ذلك بأفانين الحكم ومحاسن الأحكام وأنواع الترغيب والترهيب في محكم الوصف والترتيب فلما تمت الأوامر وهالت تلك الزواجر وتشوقت الأنفس{[12274]} وتشوفت الخواطر إلى معرفة سبب انقطاع الوصل بانبتار الأسباب وانتفاء الشفاعة في ذلك اليوم ، إذ كان المألوف من ملوك الدنيا أنهم لا يكادون يتمكنون من أمر من الأمور حق التمكن من كثرة الشفعاء والراغبين من الأصدقاء ، إذ كان الملك منهم لا يخلو مجلسه قط عن جمع كل منهم صالح للقيام{[12275]} مقامه ولو خذله أو وجه إليه مكره{[12276]} ضعضع أمره وفتّ{[12277]} في عضده فهو محتاج إلى مراعاتهم واسترضائهم ومداراتهم ، بين سبحانه وتعالى صفة الآمر بما هو عليه من الجلال والعظمة ونفوذ الأمر والعلو عن الصد والتنزه عن الكفر والند والتفرد بجميع الكمالات والهيبة المانعة بعد انكشافها هناك أتم انكشاف لأن تتوجه{[12278]} الهمم لغيره وأن تنطق بغير إذنه وأن يكون غير ما يريد ليكون ذلك أدعى إلى قبول أمره والوقوف عند نهيه وزجره ، ولأجل هذه{[12279]} الأغراض{[12280]} ساق الكلام مساق جواب السؤال{[12281]} فكأنه قيل : هذا ما لا يعرف من أحوال الملوك فمن الملك في ذلك اليوم ؟ فذكر آية الكرسي سيدة{[12282]} آي القرآن التي ما اشتمل كتاب على مثلها مفتتحاً لها بالاسم العلم الفرد الجامع الذي لم {[12283]}يتسم به{[12284]} غيره ، وذلك لما تأهل السامع بعد التعرف بالكلام والتودد بالأفعال لمقام المعرفة فترقى إلى {[12285]}أوج المراقبة{[12286]} وحضرة المشاهدة فقال {[12287]}عائداً إلى مظهر الجلال الجامع لصفات الجلال والإكرام لأنه من أعظم مقاماته : { الله{[12288]} } أي هو الملك في ذلك اليوم ثم أثبت له صفات الكمال منزهاً عن شوائب النقص مفتتحاً لها بالتفرد فقال{[12289]} : { لا إله إلا هو } مقرراً لكمال التوحيد ، فإنه المقصود الأعظم من جميع الشرائع ولكن الإنسان لما جبل عليه من النقصان لا بد له{[12290]} من ترغيب يشده وترهيب يرده ومواعظ ترفقه وأعمال تصدقه وأخلاق تحققه ، فخلل سبحانه وتعالى أي التوحيد بالأحكام والقصص ، والأحكام{[12291]} تفيد الأعمال الصالحة فترفع أستار الغفلة عن عيون{[12292]} القلوب وتكسب الأخلاق الفاضلة لتصقل الصدأ عن مرائي النفوس فتتجلى{[12293]} فيها حقائق التوحيد ، والقصص تلزم بمواعظها واعتباراتها بالأحكام وتقرر دلائل المعارف فيرسخ التوحيد ، وكان هذا التفصيل لأنه أنشط للنفس بالانتقال من نوع إلى آخر مع الهز بحسن النظم وبلاغة التناسب والإلهاب ببداعة الربط وبراعة التلاحم .

وقال الحرالي : لما أتى بالخطاب{[12294]} على بيان جوامع من معالم الدين وجهات الاعتبار وبيان أحكام الجهاد والإنفاق فيه فتم الدين بحظيرته{[12295]} معالم إسلام وشعائر إيمان ولمحة إحسان {[12296]}أعلى تعالى الخطاب إلى بيان أمر الإحسان{[12297]} كما استوفى البيان في أمر الإيمان والإسلام فاستفتح{[12298]} هذا الخطاب العلي الذي يسود كل خطاب ليعلي به الذين آمنوا فيخرجهم به من ظلمة الإيمان بالغيب الذي نوره يذهب ظلمة الشك والكفر إلى صفاء ضياء الإيقان الذي يصير نور{[12299]} الإيمان بالإضافة إليه ظلمة كما يصير نور القمر عند ضياء الشمس ظلمة ، فكانت نسبة هذه الآية{[12300]} من آية الإلهية في قوله سبحانه وتعالى{ وإلهكم إله واحد }[ البقرة : 163 ] {[12301]}وما بعدها من الاعتبار في خلق السماوات والأرض{[12302]} نسبة ما بين علو اسمه الله الذي لم{[12303]} يقع فيه شرك{[12304]} بحق ولا بباطل إلى اسمه الإله{[12305]} الذي وقع فيه الشرك بالباطل فينقل تعالى المؤمنين الذين{[12306]} استقر لهم إيمان الاعتبار بآية{ وإلهكم إله واحد }[ البقرة : 163 ] وما بعدها من الاعتبار في خلق السماوات والأرض إلى يقين{[12307]} العيان باسمه { الله } وما يلتئم{[12308]} بمعناه من أوصافه العظيمة - انتهى .

ولما وحّد{[12309]} سبحانه وتعالى نفسه الشريفة أثبت استحقاقه لذلك بحياته وبين أن المراد بالحياة الأبدية بوصف{[12310]} القيومية{[12311]} فقال : { الحي } أي الذي له الحياة وهي صفة توجب صحة العلم والقدرة أي الذي يصح أن يعلم ويقدر{[12312]} { القيوم{[12313]} } أي القائم بنفسه المقيم{[12314]} لغيره على الدوام على أعلى ما يكون من القيام والإقامة{[12315]} . قال الحرالي : فيعول زيدت في أصوله الياء ليجتمع فيه لفظ ما هو من معناه الذي هو القيام بالأمر مع واوه التي هي من قام يقوم فأفادت صيغته من المبالغة ما في القيام والقوام على حد ما تفهمه معاني الحروف عند المخاطبة بها من أئمة العلماء {[12316]}الوالجين{[12317]} في مدينة العلم المحمدي من بابه العلوي - انتهى .

ثم بين قيوميته وكمال حياته بقوله : { لا تأخذه سنة } قال الحرالي{[12318]} : هي مجال النعاس في العينين قبل أن يستغرق{[12319]} الحواس ويخامر القلب { ولا نوم } {[12320]}وهو ما وصل{[12321]} من النعاس{[12322]} إلى القلب فغشيه في حق من ينام قلبه وما استغرق الحواس في حق من لا ينام قلبه - انتهى ، ولما عبر بالأخذ الذي هو بمعنى القهر والغلبة وجب تقديم{[12323]} السنة ، كما لو قيل : فلان لا يغلبه أمير ولا سلطان ، ثم بين هذه الجملة بقوله : { له } أي بيده وفي تصرفه واختصاصه { ما في السماوات } الذي من جملته الأرض { وما في الأرض } أي من السنة والنوم وغيرهما{[12324]} إبداعاً ودواماً وما هو في قبضته وتصرفه لا يغلبه . قال الحرالي : وسلب بالجملة الأولى أمر الملكوت من أيدي الملائكة إلى قهر جبروته والآثار من نجوم الأفلاك إلى جبره ، وسلب بالجملة الثانية الآثار والصنائع من أيدي خليفته{[12325]} وخليقته إلى قضائه وقدره وظهور قدرته ، فكان هذا الخطاب بما أبدى للفهم إقامة قيامه على مجعول الحكمة الأرضية والسمائية التي هي حجاب قيوميته سلباً لقيام ما سواه - انتهى .

ثم بين ما تضمنته هذه الجملة بقوله منكراً على من ربما توهم أن شيئاً يخرج عن أمره فلا يكون مختصاً به { من ذا الذي يشفع } أي مما ادعى الكفار{[12326]} شفاعته وغيره { عنده إلا بإذنه } أي بتمكينه لأن من لم يقدر أحد على مخالفته كان من البيّن{[12327]} أن كل شيء في قبضته ، وكل ذلك دليل على تفرده بالإلهية . قال الحرالي : وحقيقة الشفاعة وصلة بين الشفيع والمشفوع له لمزية وصلة بين الشفيع والمشفوع عنده ، فكان الإذن في باطن الشفاعة حظاً من سلب ما للشفعاء ليصير بالحقيقة إنما الشفاعة لله سبحانه وتعالى عند الله سبحانه وتعالى ، فهو سبحانه وتعالى بالحقيقة الذي شفع عند نفسه بنفسه ، فبإخفائه تعالى شفاعته في شفاعة الشفعاء كان هو الشفيع في الابتداء من وراء حجاب لأن إبداءه{[12328]} كله في حجاب وإعادته من غير حجاب ، فلذلك هو سبحانه وتعالى خاتم الشفعاء حيث يقول كما ورد في الخبر " شفع الأنبياء والمرسلون{[12329]} ولم يبق إلى الحي القيوم " انتهى . ثم بين جميع ما مضى بقوله : { يعلم ما بين أيديهم } أي ما في الخافقين ممن ادعت شفاعته وغيرهم . قال الحرالي : أي ما أتاهم علمه من أمر أنفسهم وغيرهم ، لأن ما بين يدي المرء يحيط به حسه ، وما علمه أيضاً فكأنه{[12330]} بين يدي قلبه يحيط{[12331]} به علمه { وما خلفهم } وهو ما لم ينله علمهم ، لأن الخلف هو ما لا يناله الحس ، فأنبأ أن علمه من وراء علمهم محيط بعلمهم فيما علموا وما لم يعلموا - انتهى{[12332]} .

ولما بين قهره لهم بعلمه بين عجزهم عن كل شيء من علمه إلا ما أفاض عليهم بحلمه فقال : { ولا يحيطون{[12333]} بشيء } أي قليل ولا كثير { من علمه إلا بما شاء } فبان بذلك ما سبقه ، لأن من كان شامل العلم ولا يعلم غيره إلا ما علمه كان كامل القدرة ، فكان كل شيء في قبضته ، فكان منزهاً عن الكفوء متعالياً عن كل عجز وجهل ، فكان بحيث لا يقدر غيره أن ينطق إلاّ بإذنه لأنه يسبب{[12334]} له ما يمنعه مما لا يريده .

ثم بين ما في هذه الجملة من إحاطة علمه وتمام قدرته بقوله مصوراً لعظمته وتمام علمه وكبريائه وقدرته بما اعتاده الناس في ملوكهم : { وسع كرسيه{[12335]} } ومادة كرس تدور على القوة والاجتماع والعظمة والكرس{[12336]} الذي هو البول والبعر الملبد{[12337]} مأخوذ من ذلك . وقال الأصفهاني : الكرسي ما يجلس عليه ولا يفضل عن مقعد القاعد{[12338]} . وقال الحرالي : معنى الكرس هو الجمع ، فكل ما كان أتم جمعاً فهو أحق بمعناه ، ويقال على المرقى للسرير الذي يسمى العرش الذي يضع الصاعد عليه قدمه إذا صعد وإذا نزل وحين يستوي إن شاء : كرسي ، ثم قال : والكرسي فيه صور{[12339]} الأشياء كلها كما بدت{[12340]} آيته في الأرض التي فيها موجودات الأشياء كلها ، فما في الأرض صورة إلاّ ولها في الكرسي مثل ، فما في العرش إقامته ففي الكرسي أمثلته ، وما في السماوات إقامته ففي الأرض صورته ، فكان الوجود مثنياً كما كان{[12341]} القرآن مثاني إجمالاً وتفصيلاً{[12342]} في القرآن ومداداً وصوراً في الكون ، فجمعت هذه الآية العلية تفصيل المفصلات وانبهام صورة المداديات بنسبة ما بين السماء{[12343]} وما منه ، وجعل وسع الكرسي وسعاً واحداً حيث قال : { السماوات والأرض } ولم يكن وسعان لأن {[12344]}الأرض في السماوات{[12345]} والسماوات في الكرسي والكرسي في العرش والعرش في الهواء - انتهى{[12346]} .

فبان بذلك ما قبله لأن من كان بهذه العظمة في هذا التدبير المحكم والصنع المتقن كان بهذا العلم وهذه القدرة التي لا يثقلها شيء ولذا{[12347]} قال : { ولا يؤوده{[12348]} } أي يثقله . قال الحرالي : من الأود أي بلوغ المجهود ذوداً ، ويقابله ياء من لفظ الأيد أي وهو القوة ، وأصل معناه والله سبحانه وتعالى أعلم أنه لا يعجزه علو أيده ولذلك يفسره اللغويون بلفظة يثقله { حفظهما }{[12349]} في قيوميته كما يثقل غيره أو يعجزه حفظ ما ينشئه بل هو عليه يسير لأنه لو أثقله لاختل أمرهما ولو يسيراً ولقدر{[12350]} غيره ولو يوماً ما على غير ما يريده{[12351]} . والحفظ قال الحرالي : الرعاية لما هو متداع في نفسه فيكون تماسكه بالرعاية له عما يوهنه أو يبطله - انتهى . {[12352]}ولما لم يكن علوه وعظمته بالقهر والسلطان والإحاطة بالكمال منحصراً فيما تقدم عطف عليه قوله{[12353]} : { وهو } أي مع ذلك كله المتفرد بأنه { العلي } أي الذي لا رتبة إلا وهي منحطة عن رتبته { العظيم * } كما أنبأ عن ذلك افتتاح الآية بالاسم العلم{[12354]} الأعظم الجامع لجميع معاني{[12355]} الأسماء الحسنى علواً وعظمة تتقاصر عنهما الأفهام لما غلب عليها{[12356]} من الأوهام ، ونظم الاسمين هكذا دال على أنه أريد بالعظم علو الرتبة وبعد المنال عن إدراك العقول ، وقد ختمت الآية بما بدئت به غير أن بدأها بالعظمة كما قال الحرالي كان{[12357]} باسم{[12358]} { الله } إلاحة{[12359]} وختمها كان بذلك إفصاحاً لما ذكر من أن الإبداء من وراء حجاب والإعادة بغير حجاب ، كذلك تنزل القرآن ، مبدأ الخطاب إلاحة{[12360]} وخاتمته إفصاح ليتطابق الوحي والكون تطابق قائم ومقام{ ألا له الخلق والأمر }[ الأعراف : 54 ] ولما في العلو من الظهور وفي العظمة من الخفاء لموضع الإحاطة لأن العظيم هو ما يستغرق كما يستغرق الجسم العظيم جميع الأقطار{ وله المثل الأعلى }[ الروم : 27 ] وذلك حين كان ظاهر العلو هو كبرياؤه الذي شهد به كبير خلقه ، قال سبحانه وتعالى فيما أنبأ عنه نبيه صلى الله عليه وسلم

" الكبرياء ردائي " لأن الرداء هو ما على الظاهر " والعظمة إزاري " والإزار ما ستر الباطن والأسفل ، فإذا في السماء كبرياؤه وفي الأرض عظمته ، وفي العرش علوه وفي الكرسي عظمته ، فعظمته أخفى ما يكون حيث التفصيل ، وكبرياؤه وعلوه أجلى ما يكون حيث الإبهام والانبهام ، فتبين بهذا المعنى علو رتبة{[12361]} هذه الآية بما علت على الإيمان علو الإيمان على الكفران ، ولما ألاحته للأفهام من قيوميته تعالى وعلوه وعظمته وإبادة ما سواه في أن ينسب إليهم شيء لأنه سبحانه وتعالى إذا بدا باد ما سواه كان في إلاحة هذه الآية العلية{[12362]} العظيمة تقرير دين الإسلام الذي هو دين{[12363]} الإلقاء{[12364]} كما كان فيما تقدم من إيراد السورة تقرير{[12365]} دين القيمة الذي ما أمروا إلا ليعبدوا به مخلصين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ، ولذلك{[12366]} كان ذكر دين الإسلام في سورة الإفصاح بمعاني هذه السورة آل عمران إثر قول

{ شهد الله أنه لا إله إلا هو }[ آل عمران : 18 ] - انتهى . وقد علم من هذا التقرير أن كل جملة{[12367]} استؤنفت فهي علة لما قبلها وأن الأخيرة شارحة{[12368]} للازم العلم المحيط وهو القدرة التامة التي أقمت دليل لزومها في طه ، فمن ادعى شركة فليحفظ هذا الكون ولو في عام من الأعوام وليعلم بما هو فاعل في ذلك العام ليصح قوله : وأنى له ذلك وأنى ! واتضح بما تقرر{[12369]} له سبحانه وتعالى من العلو والعظمة أن الكافر به هو الظالم ، وأن يوم تجليه للفصل لا تكون{[12370]} فيه شفاعة ولا خلة ، وأما البيع فهم عنه في أشغل{[12371]} الشغل ، وإن كان المراد به الفداء فقد علم أنه لا سبيل إليه ولا تعريج عليه ، وبهذه{[12372]} الأسرار اتضح{[12373]} قول السيد المختار صلى الله عليه وسلم : " إن هذه الآية سيدة آي القرآن " وذلك لما اشتملت عليه من أسماء الذات والصفات والأفعال ، ونفي{[12374]} النقص وإثبات الكمال ، ووفت{[12375]} به{[12376]} من أدلة التوحيد على أتم وجه في أحكم نظام وأبدع أسلوب متمحضة{[12377]} لذلك ، فإن{[12378]} فضل الذكر والعلم يتبع المذكور والمعلوم ، وقد احتوت على الصفات السبع : الحياة والعلم والقدرة والإرادة{[12379]} والكلام صريحاً ، فإن الإذن لا يكون إلا بالكلام والإرادة ، وعلى السمع والبصر من لازم { له ما في السماوات وما في الأرض } ومن لازم { الحي } لأن المراد الحياة الكاملة ؛ وكررت فيها الأسماء الشريفة ظاهرة ومضمرة {[12380]}سبع عشرة{[12381]} مرة بل إحدى وعشرين ، ولم يتضمن هذا المجموع آية غيرها في كتاب الله ، وهي خمسون كلمة على عدد{[12382]} الصلوات المأمور بها أولاً في تلك الحضرة السماء{[12383]} حضرة العرش والكرسي فوق سدرة المنتهى ، وبعدد ما استقرت عليه من رتبة الأجر آخراً ، فكأنها مراقي لروح قارئها{[12384]} إلى ذلك المحل الأسمى الذي هو{[12385]} آتيه{[12386]} الذي تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، ولعل هذا سر ما ثبت من أنه لا يقرب من يقرؤها عند النوم شيطان ، لأن من كان في حضرة{[12387]} الرحمن عال عن وساوس{[12388]} الشيطان - والله سبحانه وتعالى الموفق .


[12270]:في الأصل: أنتم، والتصحيح من م ومد وظ.
[12271]:من م ومد وظ، وفي الأصل: لم يبقى ـ كذا.
[12272]:من م ومد وظ، وفي الأصل: ليس.
[12273]:من م ومد وظ، وفي الأصل: مخللام، وفي ظ: مخدلا.
[12274]:زيد من م وظ ومد.
[12275]:في مد: للمقام.
[12276]:في م: بكره.
[12277]:في الأصل: وقت، والتصحيح من م وظ ومد.
[12278]:في ظ: يتوجه.
[12279]:في الأصل: هذا، والتصحيح من م ومد وظ.
[12280]:في الأصل: الأعراض، والتصحيح من م ومد وظ.
[12281]:من م ومد وظ، وفي الأصل: كسوال، وفي مد: لسوال.
[12282]:زيد من م وظ ومد.
[12283]:في الأصل: يقسم له، والتصحيح من م ومد وظ.
[12284]:في الأصل: يقسم له، والتصحيح من م ومد وظ.
[12285]:في الأصل: أوجه المراتبة، والتصحيح من م وظ ومد.
[12286]:في الأصل: أوجه المراتبة، والتصحيح من م وظ ومد.
[12287]:العبارة من هنا إلى "مقاماته" ليست في م وظ.
[12288]:ورد أن سيد الكلام القرآن، وسيد القرآن البقرة، وسيد البقرة آية الكرسي؛ وفضلت هذا التفضيل لما اشتملت عليه من توحيد الله وتعظيمه وذكر صفاته العلى ولا مذكور أعظم من الله فذكره أفضل من كل ذكر . . . . . . . . . . ومناسبة هذه الآية لما قبلها أنه تعالى لما ذكر أنه فضل بعض الأنبياء على بعض وأن منهم من كلمه وفسر بموسى عليه السلام وأنه رفع بعضهم درجات وفسر بمحمد صلى الله عليه وسلم، ونص على عيسى عليه السلام، وتفضيل المتبوع يفهم منه تفضيل التابع، وكانت اليهود والنصارى قد أحدثوا بعد نبيهم بدعا في أديانهم وعقائدهم ونسبوا الله تعالى إلى ما لا يجوز عليه، وكان رسول الله صلى عليه وسلم بعث إلى الناس كافة فكان منهم العرب وكانوا قد اتخذوا من دون الله آلهة وأشركوا فصار جميع الناس المبعوث إليهم صلى الله عليه وسلم على غير استقامة في شرائعهم وعقائدهم وذكر تعالى أن الكافرين هم الظالمون وهم الواضعون الشيء غير مواضعه؛ أتى بهذه الآية العظيمة الدالة على إفراد الله بالوحدانية والمتضمنة صفاته العلى من الحياة والاستبداد بالملك واستحالة كونه محلا للحوادث وملكه لما في السماوات والأرض وامتناع الشفاعة عنده إلا بإذنه وسعة علمه وعدم إحاطة أحد بشيء من علمه إلا بإرادته وباهر ما خلق من الكرسي العظيم الاتساع ووصفه بالمبالغة في العلو والعظمة إلى سائر ما تضمنته من أسمائه الحسنى وصفاته العلى نبههم بها على العقيدة الصحيحة التي هي محض التوحيد وعلى طرح ما سواها ـ البحر المحيط 2 / 277.
[12289]:ليس من ظ.
[12290]:زيد من م وظ ومد.
[12291]:في م ومد: فالأحكام.
[12292]:من م ومد وظ، وفي الأًصل: عيوب.
[12293]:في م: فتتحلى.
[12294]:في مد وظ: الخطاب.
[12295]:من م ومد وظ، وفي الأًصل: بحظرته.
[12296]:ليست في م.
[12297]:ليست في م.
[12298]:في م: فافتتح.
[12299]:في م: نوره.
[12300]:زيد من م: الالهية.
[12301]:ليست في م ومد وظ.
[12302]:ليست في م ومد وظ.
[12303]:ليس في م.
[12304]:في م: شركة.
[12305]:ليس في م.
[12306]:ليس في م.
[12307]:في الأصل: تعين، والتصحيح من م وظ ومد.
[12308]:في م: تلتئم.
[12309]:من م ومد وظ، وفي الأًصل: وجد.
[12310]:في مد: بوصفه.
[12311]:في م: القيومة.
[12312]:العبارة المحجوزة زيدت من م ومد وظ وقد انتهت في م ومد إلى "والقدرة"، وابتدأت في ظ من "أي الذي يصح".
[12313]:هكذا في م ومد وظ، وأخره في الأصل عن "والإقامة".
[12314]:من م ومد وظ، وفي الأًصل: القيم.
[12315]:وقرأ ابن مسعود وابن عمر وعلقمة والنخعي والأعمش: القيام، وقرأ علقمة أيضا: القيم، كما تقول: ديور وديار . . . . . ومعناه أنه قائم على كل شيء بما يجب له، بهذا فسره مجاهد والربيع والضحاك ـ البحر المحيط 2/277.
[12316]:في الأصل: الواي من، والتصحيح من م وظ ومد.
[12317]:في الأصل: الواي من، والتصحيح من م وظ ومد.
[12318]:قال أبو حيان الأندلسي في المد من البحر 2/277: يقال وسن سنة وسنا، والمعنى أنه تعالى لا يغفل عن دقيق ولا جليل، عبر بذلك عن الغفلة لأنه سببها . . . . . أولا تحله الآفات ولا العاهات المذهلة عن حفظ المخلوقات.
[12319]:من م ومد وظ، وفي الأًصل: تستغرق.
[12320]:في الأصل: هو ماصل، والتصحيح من م وظ ومد.
[12321]:في الأصل: هو ماصل، والتصحيح من م وظ ومد.
[12322]:زيد في م: فيالغينير.
[12323]:في م: تقدم.
[12324]:في ظ: غيرها.
[12325]:في الأصل: خليفته ـ كذا.
[12326]:كان المشركون يزعمون أن الأصنام تشفع لهم عند الله وكانوا يقولون "ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى " وفي هذه الآية أعظم دليل على ملكوت الله وعظم كبريائه بحيث لا يمكن أن يقدم أحد على الشفاعة عنده إلا بإذن منه تعالى كما قال تعالى " لا يتكلمون إلا من إذن له الرحمن" ودلت الآية على وجود الشفاعة بإذنه تعالى والإذن هنا معناه الأمر كما ورد: أشفع تشفع، أو العلم أو التمكين إن شفع أحد بلا أمر ـ البحر المحيط 2/278.
[12327]:في م: الهين.
[12328]:في م ومد: أيداه ـ كذا، وفي ظ: أبدا، وفي الأًصل: بداه.
[12329]:في الأصل: المرسلين، والتصحيح من م ومد وظ.
[12330]:في م: فكان.
[12331]:في ظ ومد: محيط.
[12332]:ليس في مد.
[12333]:الإحاطة تقتضي الحفوف بالشيء من جميع جهاته والاشتمال عليه، والعلم هنا المعلوم لأن علم الله الذي هو صفة ذاته لا يتبعض كما جاء في حديث موسى والخضر: ما نقص علمي وعلمك من علمه إلا كما نقص هذا العصفور من هذا البحر، والاستثناء يدل على أن المراد بالعلم المعلومات وقالوا: اللهم اغفر علمك فينا، أي معلومك، والمعنى: لا يعلمون من الغيب الذي هو معلوم الله شيئا إلا ما شاء أن يعلمهم ـ قاله الكلبي، وقال الزجاج: إلا بما أنبأ به الأنبياء تثبيتا لنبوتهم ـ البحر المحيط 2/279.
[12334]:من م ومد وظ، وفي الاًصل: بسبب.
[12335]:في البحر المحيط 2/279: قرأ الجمهور: وسع ـ بكسر السين، وقرىء شاذا بسكونها، وقرىء أيضا شاذا: وسع ـ بسكونها وضم العين، " والسماوات والأرض" بالرفع مبتدأ وخبرا . والكرسي جسم عظيم يسع السماوات والأرض، فقيل: هو نفس العرش ـ قاله الحسن، وقال غيره: دون العرش وفوق السماء السابعة، وقيل: تحت الأرض كالعرش فوق الماء ـ عن السدى، وقيل: الكرسي موضع قدمي الروح الأعظم أو ملك آخر عظيم القدر، وقيل: السلطان والقدرة والعرب تسمى أصل كل شيء الكرسي، وسمي الملك الكرسي لأن الملك في حال حكمه وأمره ونهيه يجلس عليه فسمى باسم مكانه على سبيل المجاز، قال الشاعر: تحف بهم بيض الوجوه وعصبة كراسي بالأحداث حين تنوب . . . وقال: هو الأصل المعتمد عليه، قال المغربي: من تكرس الشيء تراكب بعضه على بعض وأكرسته أنا، قال العجاج: يا صاح هل تعرف رسما مكرسا قال نعم أعرفه وأكرســا
[12336]:في الأصل: الكراس، والتصحيح من م وظ ومد، وفي قطر المحيط 4/1838: والكرس أيضا ما يبنى لطليان المعزى مثل بيت الحمام والصاروج والبعر والبول المتلبد بعضه على بعض.
[12337]:في ظ: المبلد.
[12338]:في ظ: المقاعد.
[12339]:من مد وظ، وفي الأصل وم: صورة.
[12340]:في م: بدأت.
[12341]:زيد في م فقط: في .
[12342]:من م ومد وظ، وفي الأصل: تفضيلا ـ كذا.
[12343]:من ظ ، وفي الأصل وم ومد: الماء.
[12344]:في الأصل: السماوات في الأرض، والتصحيح من م وظ ومد.
[12345]:في الأصل: السماوات في الأرض، والتصحيح من م وظ ومد.
[12346]:وقال الزمخشري: وفي قوله "وسع كرسيه" أربعة أوجه: أحدها أن كرسيه لم يضق عن السماوات والأرض لبسطته وسعته و ما هو إلا تصوير لعظمته وتخييل فقط ولا كرسي ثمة ولا قعود ولا قاعد لقوله " وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه " من غير تصور قبضة وطي ويمين وإنما هو تخييل لعظمة شأنه وتمثيل حسي، ألا ترى إلى قوله " وما قدروا الله حق قدره" ؛ انتهى ما ذكره في هذا الوجه ـ البحر المحيط 2/280.
[12347]:في م: لذلك.
[12348]:وقرىء شاذا بالحذف كما حذفت همزة أناس، وقرىء أيضا: يووده بواو مضمومة على البدل من الهمزة، أي لا يشقه ولا يثقل عليه ـ البحر المحيط 2/280.
[12349]:زيد في م: أي.
[12350]:في الأصل: لو قدر، والتصحيح من م وظ ومد.
[12351]:من م وظ ومد، وفي الأصل: يريد.
[12352]:ليست في م.
[12353]:ليست في م.
[12354]:من م وظ ومد، وفي الأصل: العلى.
[12355]:في ظ: معالي.
[12356]:في م: عليهما.
[12357]:في م: كائن.
[12358]:في م وظ ومد: باسمه.
[12359]:في ظ: الأخوة.
[12360]:سقط من م.
[12361]:في ظ ومد: رتبة.
[12362]:ليس في م.
[12363]:في ظ: زين.
[12364]:من م وظ ومد، وفي الأصل: الابقاء.
[12365]:في م: تقديم، وفي ظ: تقريره.
[12366]:في م: كذلك.
[12367]:وفي البحر المحيط 2/281: قال الزمخشري: (قالت قلت) كيف ترتبت الجمل في آية الكرسي من غير حرف عطف؟ (قلت) ما منها جملة إلا وهي واردة على سبيل البيان لما ترتبت عليه، والبيان متحد بالمبين فلو توسط بينهما عطف لكان كما تقول العرب بين العصا ومحائها، فالأولى بيان لقيامه بتدبير الخلق وكونه مهيمنا غير ساه عنه، والثانية لكونه مالكا لما يدبره، والثالثة للشفاعة وغير المرتضى، والخامسة لسعة علمه وتعلقه بالمعلومات كلها أو بجلاله وعظيم قدره ـ انتهى كلامه.
[12368]:في م: مشارحة.
[12369]:في ظ: تفرد.
[12370]:في ظ ومد: لا يكون.
[12371]:في م: شغل.
[12372]:من مد وظ، وفي الأصل وم: بهذا.
[12373]:من م وظ ومد، وفي الأصل: تضح.
[12374]:في م: بنفي.
[12375]:من م وظ ومد، وفي الأصل: وقت.
[12376]:في ظ: فيه.
[12377]:في مد: ممتحضه.
[12378]:في مد: قال.
[12379]:زيد من م وظ ومد.
[12380]:من م ومد، وفي ظ: سبع عشر، والأصل: سبعة عشر.
[12381]:من م ومد، وفي ظ: سبع عشر، والأصل: سبعة عشر.
[12382]:في م: حكم.
[12383]:في الأصل: الشحا، والتصحيح من م وظ ومد.
[12384]:في الأصل وظ: قاريها، وفي مد: قاريها ـ كذا، وفي م: قاربها.
[12385]:من ظ، وفي بقية الأصول: هي.
[12386]:في الأصل : آتية، وفي م ومد وظ: آيته.
[12387]:في م: خضره.
[12388]:في ظ: وسواس.