نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{فَنَادَتۡهُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ وَهُوَ قَآئِمٞ يُصَلِّي فِي ٱلۡمِحۡرَابِ أَنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحۡيَىٰ مُصَدِّقَۢا بِكَلِمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَسَيِّدٗا وَحَصُورٗا وَنَبِيّٗا مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (39)

ولما كان الله سبحانه وتعالى عند ظن عبده به سمع دعاءه كما قال { فنادته } أي فتسبب عن دعائه وحسن رجائه أن نادته{[16575]}

{ الملائكة } يعني هذا النوع ، لا كلهم{[16576]} بل ناداه البعض ، وكان متهيئاً{[16577]} بما آتاه الله سبحانه وتعالى من الفضل لمناداة{[16578]} الكل ، كما هو شأن أهل الكمال من الرسل { وهو قائم يصلي في المحراب } وهو موضع محاربة العابد للشيطان ، وهو أشرف الأماكن لذلك{[16579]} . قال الحرالي : فيه إشعار بسرعة إجابته ولزومه معتكفه وقنوته في قيامه{[16580]} وأن الغالب{[16581]} على صلاته القيام لأن الصلاة قيام ، وسجود يقابله{[16582]} ، وركوع متوسط ، فذكرت صلاته بالقيام إشعاراً{[16583]} بأن حكم القيام{[16584]} غالب عليها{[16585]} - انتهى . ثم استأنف في قراءة حمزة وابن عامر بالكسر لجواب من كأنه قال : بأي شيء نادته الملائكة ؟ قوله : { أن الله يبشرك } قال الحرالي : فذكر الاسم الأعظم المحيط معناه بجميع معاني{[16586]} الأسماء ، ولم يقل إن ربك لما كان أمر إجابته من وراء الحكمة العادية{[16587]} ؛ وفي قوله : { بيحيى } مسمى بصيغة{[16588]} الدوام - مع أنه كما قيل : قتل - إشعار بوفاء حقيقة الروحانية الحياتية{[16589]} فيه دائماً ، لا يطرقه{[16590]} طارق موت الظاهر حيث قتل شهيداً - انتهى . { مصدقاً بكلمة } أي نبي خلق بالكلمة لا بالمعالجة{[16591]} العادية ، يرسله الله سبحانه وتعالى إلى عباده فيكذبه أكثرهم{[16592]} ويصدقه هو{[16593]} ، وإطلاق الكلمة عليه من إطلاق السبب على المسبب .

قال الحرالي : فكان عيسى عليه الصلاة والسلام كلمة الله سبحانه وتعالى ، ويحيى مصدقه{[16594]} بما هو منه كمال كلمته{[16595]} حتى أنهما{[16596]} في سماء واحدة ، ففي قوله : { من الله } إشعار بإحاطته في ذات الكلمة - انتهى . { وسيداً وحصوراً } أي فلا يتزين{[16597]} بزينة{[16598]} لأنه بالغ الحبس لنفسه و{[16599]}التضييق عليها{[16600]} في المنع من النكاح . قال في القاموس : والحصور من لا يأتي النساء وهو قادر على ذلك ، أو الممنوع منهن ، أو{[16601]} من لا يشتهيهن{[16602]} ولا يقربهن ، والمجبوب - والهَيوب{[16603]} المحجم{[16604]} عن الشيء{[16605]} . وقال الحرالي : وهو من الحصر وهو المنع عما شأن الشيء أن يكون مستعملاً فيه - انتهى{[16606]} { ونبياً } ولما كان النبي لا يكون إلا صالحاً لم يعطف بل قال : { من الصالحين * } إعلاماً بمزية رتبة الصلاح واحترازاً من المتنبيين{[16607]} ،


[16575]:يد من ظ ومد، غير أن في مد "أنه" مكان "أن".
[16576]:في ظ: كلمهم.
[16577]:ن مد، وفي الأصل: منها، وفي ظ: منهيا.
[16578]:ن ظ ومد، وفي الأصل: لمفاداة.
[16579]:ن ظ، وفي الأصل: كذلك، وفي مد: لذا.
[16580]:من ظ ومد، وفي الأصل: فإن الغايب.
[16581]:ن ظ ومد، وفي الأصل: فإن الغايب.
[16582]:ي ظ: مقابلة.
[16583]:ي ظ: إشعار.
[16584]:ي الأصول: الغالب عليها، غير أن في ظ: عليه ـ مكان.
[16585]:ي الأصول: الغالب عليها، غير أن في ظ: عليه ـ مكان.
[16586]:يد من ظ ومد.
[16587]:ي ظ: العاذية.
[16588]:ي ظ: بصفة.
[16589]:ي ظ: الحيابيه، وفي مد: الحيامة ـ كذا.
[16590]:ي ظ ومد: لا تطرقه.
[16591]:ي ظ: بالمعالجة.
[16592]:ي ظ: أكثره.
[16593]:يد من ظ ومد، والواو الآتية بعده ساقطة من ظ.
[16594]:ن ظ ومد، وفي الأصل: مصدقة.
[16595]:ن ظ ، وفي الأصل ومد: كلمة.
[16596]:ن ظ ومد، وفي الأصل: أنها.
[16597]:ي ظ ومد: يزن.
[16598]:لعبارة المحجوزة زيدت من ظ ومد.
[16599]:ي ظ: في.
[16600]:قط من مد.
[16601]:ن ظ ومد والقاموس، وفي الأصل"و".
[16602]:ي ظ: يشهن.
[16603]:ن ظ والقاموس، وفي الأصل ومد: والهبوب.
[16604]:ي ظ: المحج.
[16605]:يد بعده في الأصل: يذن يرتبه، ولم تكن الزيادة في ظ ومد فحذفناها.
[16606]:قط من ظ.
[16607]:من ظ ومد، وفي الأصل: التتبين.