جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَذَكَرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا وَٱنتَصَرُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا ظُلِمُواْۗ وَسَيَعۡلَمُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ أَيَّ مُنقَلَبٖ يَنقَلِبُونَ} (227)

{ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } استثناء للشعراء المؤمنين المادحين لرسول الله صلى الله عليه وسلم الهاجين لأعداء الله { وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا } في شعرهم ، وغير شعرهم { وَانتَصَرُوا } من الكفار بهجوهم { مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا } أي : مكافأة هجاتهم هجوا للمسلمين .

لما نزلت { والشعراء يتبعهم الغاوون } جاء حسان ، وعبد الله بن رواحة ، وكعب بن مالك إليه عليه السلام ، وهم يبكون ، فقالوا : قد علم الله حين أنزل هذه الآية أنا شعراء ، فأنزل الله { إلا الذين{[3736]} آمنوا } الآية { وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا } بأن ذموا قوما ، ومدحوا قوما بباطل ، وتكلموا بالأكاذيب { أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ } أي : مرجع يرجعون بعد الموت ، فيه تهديد شديد وسياق الآية ، وإن كان في الكفار وشعرائهم لكن عام لكل ظالم ، ولهذا كتب الصديق رضي الله عنه عند الوصية : بسم الله الرحمان الرحيم هذا ما أوصى به أبو بكر بن أبي قحافة عند خروجه من الدنيا حين يؤمن الكافر وينتهي الفاجر ويصدق الكاذب إني استخلفت عليكم عمر بن الخطاب . فإن يعدل فذاك ظني به ، ورجائي ، فيه وإن يجرؤ ويبدل فلا أعلم الغيب ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .


[3736]:وهذه الآية إلى آخر السورة مدنية كما صرح بذلك محيي السنة وغيره، والباقي من أول السورة إلى هذه الآية مكية، فلا إشكال في سبب النزول على ما نقلها، والمورد خاص والحكم عام، فمن كان شعره في أمر ديني أو في مكافأة ظلم بقدره، وهو متصف بما وصفه الله فهو من الذين استثناهم الله /12 وجيز.