الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَذَكَرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا وَٱنتَصَرُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا ظُلِمُواْۗ وَسَيَعۡلَمُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ أَيَّ مُنقَلَبٖ يَنقَلِبُونَ} (227)

ثم قال : { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات }[ 227 ]{[51685]} ، فهذا الاستثناء يدل على أن{[51686]} الأول في المشركين نزل{[51687]}والسورة مكية إلا هذه الآيات نزلت{[51688]} بالمدينة في : حسان بن ثابت ، وكعب بن مالك ، وعبد الله بن رواحة . وهم شعراء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم هي{[51689]} لكل من كان مثلهم . هذا قول ابن عباس{[51690]} ، وأدخل{[51691]} الضحاك هذه الآيات{[51692]} في الناسخ{[51693]} والمنسوخ . فقال : { إلا الذين آمنوا }[ 227 ] ، نسخت{[51694]} ما قبلها . والصحيح أنه{[51695]}استثناء ، والاستثناء عند سيبويه بمنزلة التوكيد لأنه{[51696]} يبين{[51697]} به كما يبين بالتوكيد .

قال{[51698]} قتادة : قوله : { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات }[ 227 ] الآية{[51699]} ، نزلت في حسان ، وكعب بن مالك{[51700]} ، وعبد الله الأنصاري الذين هاجوا{[51701]} عن{[51702]} النبي صلى الله عليه وسلم{[51703]} .

ثم قال تعالى{[51704]} : { وذكروا الله كثيرا }[ 227 ] ، أي : ذكروه{[51705]} في حال كلامهم ، ومحاورتهم{[51706]} ومخاطبتهم الناس / قاله ابن عباس{[51707]} . وقال ابن زيد : وذكروا الله كثيرا في شعرهم{[51708]} . وقيل المعنى : لم يشغلهم الشعر عن ذكر الله . إنما ناضلوا{[51709]} من{[51710]} كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو أحق الناس بالهجاء { وانتصروا من بعد ما ظلموا }[ 227 ] ، أي : هجوا من هجاهم ، من شعراء المشركين ، وجاوبوهم عن هجائهم .

قال ابن عباس{[51711]} : يردون على{[51712]} الكفار الذين هجوا المسلمين .

قال سالم مولى تميم الداري{[51713]} : لما نزلت{[51714]} : { والشعراء يتبعهم الغاوون }{[51715]} الثلاث الآيات : جاء حسان بن ثابت ، وعبد الله بن{[51716]} رواحة ، وكعب بن{[51717]} مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، يبكون{[51718]} فقالوا : قد علم الله حين أنزل هذه الآيات أنا شعراء ، فتلا النبي صلى الله عليه وسلم : { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات }[ 227 ] ، إلى{[51719]} { ظلموا } .

وقال : أنتم{[51720]} . ثم قال تعالى : { وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون }[ 226 ] ، يعني مشركي{[51721]} مكة{[51722]} ، الذين ظلموا أنفسهم بشركهم بالله ، سيعلمون أي مرجع يرجعون ، وأي معاد يعودون بعد مماتهم ، وأي{[51723]} منصوب ينقلبون على المصدر ، وليس بمفعول به ، لأن " ينفعل " لا يتعدى : نحو{[51724]} : ينطلق ، فإنما{[51725]} نصبه على أنه نعت لمصدر محذوف عمل ما{[51726]} فيه { ينقلبون } ، ولا ينتصب " سيعلم " لأن " سيعلم " خبر ، أو " أي " استفهام ولا يعمل ما قبل الاستفهام فيه .


[51685]:ز: بعدها: "وذكروا الله كثيرا".
[51686]:"أن" سقطت من ز.
[51687]:"نزل" سقطت من ز.
[51688]:ز: ع: الآية، والمثبت من ز.
[51689]:ز: قيل.
[51690]:انظر: ابن كثير 5/219، وأسباب النزول للسيوطي ص210.
[51691]:ز: وأخذ.
[51692]:ز: بهذه الآية.
[51693]:انظر: صحة ما ذهب إليه مكي في الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس ص240.
[51694]:ز: نسخة.
[51695]:ز: أنها.
[51696]:ز: لأنك.
[51697]:ز: تبين.
[51698]:ز: قاله.
[51699]:ز: "نزلت هذه".
[51700]:"بن مالك" سقطت من ز.
[51701]:ز: تهاجروا.
[51702]:ز: على.
[51703]:انظر: ابن كثير5/219.
[51704]:"تعالى" سقطت من ز.
[51705]:ز: ذكروا.
[51706]:ز: ومحادتهم.
[51707]:ابن جرير19/129، وابن كثير 5/220.
[51708]:ابن جرير19/130.
[51709]:ز: با.
[51710]:ز: باصلوا عن.
[51711]:ابن جرير19/160، وانظر: ابن كثير 5/220.
[51712]:ز: على.
[51713]:ابن جرير19/130، انظر: ابن كثير 5/218-219، والدر19/334.
[51714]:انظر: أسباب النزول للسيوطي ص209-210.
[51715]:ز: "الغاوين" تحريف.
[51716]:هو عبد الله بن رواحة بن ثعلبة الأنصاري، من الخزرج، أبو محمد: صحابي يعد من الأمراء والشعراء الراجزين، كان يكتب في الجاهلية، وكان أحد الأمراء في وقعة مؤتة فاستشهد بها رحمه الله تعالى سنة8 هـ، انظر: تهذيب التهذيب 5/212، وصفة الصفوة 1/191، وحلية الأولياء 1/118، وابن عساكر 7/387، وطبقات ابن سعد 3/89، والأعلام 4/217.
[51717]:"وكعب بن مالك" سقطت من ز.
[51718]:ز: بمكة.
[51719]:بعدها في ز: قوله.
[51720]:"وقال أنتم" سقطت من ز.
[51721]:ز: مشركين.
[51722]:قال ابن كثير: "والصحيح أن هذه الآية عامة في كل ظالم". انظر: 5/220.
[51723]:انظر: المشكل 2/530.
[51724]:ز: "نحن".
[51725]:ز: "وإنما".
[51726]:ز: "ما" ساقطة.