النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَذَكَرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا وَٱنتَصَرُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا ظُلِمُواْۗ وَسَيَعۡلَمُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ أَيَّ مُنقَلَبٖ يَنقَلِبُونَ} (227)

{ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } تقديره فإنهم لا يتبعهم الغاوون ولا يقولون ما لا يفعلون .

روي أن عبد الله بن رواحة وكعب بن مالك وحسان بن ثابت أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزل { وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ } فبكوا عنده وقالوا : هلكنا يا رسول الله ،

فأنزل الله { إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } فقرأها عليهم حتى بلغ إلى قوله : { إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } فقال : أنتم .

{ وَذَكرُوا اللَّهَ كَثِيراً } فيه وجهان :

أحدهما : في شعرهم .

الثاني : في كلامهم .

{ وَانتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا } أي ردّوا على المشركين ما كانوا يهجون به المؤمنين فقابلوهم عليه نصرة للمؤمنين وانتقاماً من المشركين .

{ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ } وهذا وعيد يراد به من هجا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشعراء لكل كافر من شاعر وغير شاعر ، سيعلمون يوم القيامة أي مصير يصيرون وأي مرجع يرجعون ، لأن مصيرهم إلى النار وهو أقبح مصير ، ومرجعهم إلى العذاب وهو شر مرجع .

والفرق بين المنقلب والمرجع أن المنقلب الانتقال إلى ضد ما هو فيه ، والمرجع العود من حال هو فيها إلى حال كان عليها فصار كل مرجع منقلباً وليس كل منقلب مرجعاً .