جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٖ مِّنكُمۡۚ وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمۡ رَحِيمٗا} (29)

{ يَا أَيُّهَا{[989]} الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ } بالحرام كالسرقة والقمار ونحوهما { إلا أن تكون تجارةً عن تراض منكم } لكن كون تجارة صادرة عن تراض بين المتبايعين غير منهي عنه ؛ فالاستثناء منقطع ، ومن قرأ تجارة بالنصب تقديره : يكون التجارة تجارة ، ومن قرأ بالرفع فيكون كان تامة { ولا تقتلوا أنفسكم } من كان من جنسكم من المؤمنين أو بإلقائها إلى التهلكة{[990]} أو أراد قتل المسلم نفسه كما يفعله بعض الجهلة ، أو بارتكاب محارم الله { إن الله كان بكم رحيما } فما نهاكم عن مضاركم إلا من رحمته ، أو حيث لم يكلفكم بقتل أنفسكم للتوبة كما كلف بني إسرائيل .


[989]:ولما ذكر أجور المحصنات وأثمان السراري ومنع الزنا سرًّا وعلانية وأن الإنسان ضعيف لا طاقة له على المشاق أراد أن يوطن أنفسهم على صرف بعض المال، ويحذرهم عن بعضه فقال: (يا أيها الذين آمنوا)/12 وجيز.
[990]:روى ابن مردويه عن ابن عباس: (أن عمرو بن العاص صلى بالناس وهو جنب، فلما قدموا المدينة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله عن ذلك فقال: يا رسول الله خفت أن يقتلني البرد، وقد قال الله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) قال: فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم) نقل الإمام أحمد هذا الحديث بزيادة (تيممت وصليت فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم) هذا ما في المنهية وفي الفتح، ولا مانع من حمل الآية على جميع هذه المعاني، ومما يدل على ذلك احتجاج عمرو بن العاص بها حين لم يغتسل بالماء البارد حين أجنب في غزوة ذات السلاسل فقر النبي صلى الله عليه وسلم احتجاجه، وهو في مسند أحمد وسنن أبي داود وغيرهما/12. [صححه الشيخ الألباني في (صحيح سنن أبي داود)].