الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٖ مِّنكُمۡۚ وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمۡ رَحِيمٗا} (29)

قوله تعالى : { يا أيها الذين ءَامَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أموالكم بَيْنَكُمْ بالباطل إِلاَّ أَن تَكُونَ تجارة }[ النساء :29 ] .

الاستثناء منقطعٌ ، المعنى : لكنْ إنْ كانَتْ تجارةً ، فكُلُوها ، وأخْرَجَ البخاريُّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا ، أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ ، وَمَنْ أَخَذَهَا يُرِيدُ إتْلاَفَهَا ، أَتْلَفَهُ اللَّه ) انتهى .

وقوله تعالى : { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ الله كَانَ بِكُمْ رَحِيماً } ، أجمع المتأوِّلون على أنَّ المقصودَ بهذه الآية النهْيُ عن أنْ يقتُلَ بعْضُ الناسِ بَعْضاً ، ثم لفظها يتناوَلُ أنْ يقتل الرجُلُ نَفْسَهُ بقَصْدٍ منه للقتل ، أو بأنْ يحملها على غَرَرٍ ، رُبَّمَا ماتَ مِنْهُ ، فهذا كلُّه يتناوله النَّهْيُ ، وقد احتج عمرو بن العاص بهذه الآيةِ حين امتنع مِنَ الاغتسال بالمَاءِ الباردِ ، خَوْفاً على نَفْسِهِ منه ، فقرَّر رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم احتجاجَهُ .