بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٖ مِّنكُمۡۚ وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمۡ رَحِيمٗا} (29)

قوله تعالى : { ضَعِيفاً يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أموالكم بَيْنَكُمْ بالباطل } يعني بالظلم باليمين الكاذبة ليقطع بها مال أخيه . ثم استثنى ما استفضل الرجل من مال أخيه في تجارته أنه لا بأس به فقال : { إِلاَّ أَن تَكُونَ تجارة عَن تَرَاضٍ مّنْكُمْ } ويقال : إلا ما كان بينهما تجارة ، وهو أن يكون مضارباً له ، فله أن يأكل من مال المضاربة إذا خرج إلى السفر . ويقال : إلا ما يأكل الرجل شيئاً عند اشترائه ليذوقه . قرأ حمزة والكسائي وعاصم : { تجارة } بنصب الهاء على معنى خبر تكون .

وقرأ الباقون بالضم على معنى الاسم . ثم قال تعالى : { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ } أي لا يقتل بعضكم بعضاً ، فإنكم أهل دين واحد . ويقال { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ } يعني أن يوجب الرجل على نفسه قتل نفسه ، فإيجابه باطل . وقال القتبي : { وَلاَ تَأْكُلُواْ أموالكم } يعني لا يأكل بعضكم مال بعض بالباطل ، ولا يقتل بعضكم بعضاً كقوله : { يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عسى أَن يَكُونُواْ خَيْراً مِّنْهُمْ وَلاَ نساء مِّن نساء عسى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلاَ تلمزوا أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُواْ بالألقاب بِئْسَ الاسم الفسوق بَعْدَ الإيمان وَمَن لَّمْ يَتُبْ فأولئك هُمُ الظالمون } { صلى الله عليه وسلم [ سورة الحجرات : 11 ] أي لا تعيبوا إخوانكم . ويقال : { ولا تقتلوا أنفسكم } أي لا تقتلوها بالكسل والبخل { إِنَّ الله كَانَ بِكُمْ رَحِيماً } إذ نهى عن القتل وعن أخذ الأموال .