الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٖ مِّنكُمۡۚ وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمۡ رَحِيمٗا} (29)

أخرج ابن أبي حاتم والطبراني بسند صحيح عن ابن مسعود في قوله { يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } قال : إنها محكمة ما نسخت ولا تنسخ إلى يوم القيامة .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : أما أكلهم أموالهم بينهم بالباطل ، فالزنا والقمار والبخس والظلم { إلا أن تكون تجارة } فليرب الدرهم ألفا إن استطاع .

وأخرج ابن جرير عن عكرمة والحسن في الآية قال : كان الرجل يتحرج أن يأكل عند أحد من الناس بعدما نزلت هذه الآية ، فنسخ ذلك بالآية التي في النور ( ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم . . ) ( النور الآية 61 ) الآية .

أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ( إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ) قال : عن تراض في تجارة ، بيع أو عطاء يعطيه أحد أحدا .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في سننه عن قتادة في الآية قال : التجارة رزق من رزق الله ، وحلال من حلال الله لمن طلبها بصدقها وبرها ، وقد كنا نحدث أن التاجر الأمير الصدوق مع السبعة في ظل العرش يوم القيامة .

وأخرج الترمذي وحسنه الحاكم عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم " قال : التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء " .

وأخرج ابن ماجه والحاكم والبيهقي عن ابن عمر مرفوعا " قال : التاجر الصدوق الأمين المسلم مع الشهداء يوم القيامة " .

وأخرج الحاكم عن رافع بن خديج قال : قيل : يا رسول الله أي الكسب أطيب ؟ قال : " كسب الرجل بيده ، وكل بيع مبرور " .

وأخرج الحاكم والبيهقي في سننه عن أبي بردة قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الكسب أطيب أو أفضل ؟ قال : " عمل الرجل بيده ، وكل بيع مبرور " .

وأخرج سعيد بن منصور عن نعيم بن عبد الرحمن الأزدي قال " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تسعة أعشار الرزق في التجارة ، والعشر في المواشي " .

وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن صفوان بن أمية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعلم أن عون الله مع صالحي التجار " .

وأخرج الأصبهاني عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " التاجر الصدوق في ظل العرش يوم القيامة " .

وأخرج الأصبهاني عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أطيب الكسب كسب التجار ، الذين إذا حدثوا لم يكذبوا ، وإذا وعدوا لم يخلفوا ، وإذا ائتمنوا لم يخونوا ، وإذا اشتروا لم يذموا ، وإذا باعوا لم يمدحوا ، وإذا كان عليهم لم يمطلوا ، وإذا كان لهم لم يعسروا " .

وأخرج الأصبهاني عن أبي أمامة مرفوعا " أن التاجر إذا كان فيه أربع خصال طاب كسبه : إذا اشترى لم يذم ، وإذا باع لم يمدح ، ولم يدلس في البيع ، ولم يحلف فيما بين ذلك " .

وأخرج الحاكم وصححه عن رفاعة بن رافع " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى الله ، وبر ، وصدق " .

وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن عبد الرحمن بن شبل قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن التجار هم الفجار . قالوا : يا رسول الله أليس قد أحل الله البيع ؟ قال : بلى ، ولكنهم يحلفون فيأثمون ، ويحدثون فيكذبون " .

وأخرج الحاكم وصححه عن عمرو بن تغلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من أشراط الساعة أن يفيض المال ، ويكثر الجهل ، وتظهر الفتن ، وتفشو التجارة " .

أخرج ابن ماجه وابن المنذر عن ابن سعيد في قوله تعالى { عن تراض منكم } قال : قال رسول الله : " إنما البيع عن تراض " .

وأخرج ابن جرير عن ميمون بن مهران قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " البيع عن تراض والخيار بعد الصفقة ، ولا يحل لمسلم أن يغش مسلما " .

وأخرج عبد بن حميد عن أبي زرعة . أنه باع فرسا له فقال لصاحبه : اختر فخيره ثلاثا ثم قال له : خيرني . فخيره ثلاثا ، ثم قال : سمعت أبا هريرة يقول : هذا البيع عن تراض .

وأخرج ابن ماجه عن جابر بن عبد الله قال : " اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل من الأعراب حمل خبط ، فلما وجب البيع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اختر . . . فقال الأعرابي : عمرك الله بيعا " .

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم باع رجلا ثم قال له : اختر . فقال : قد اخترت . . . فقال : هكذا البيع " .

وأخرج ابن جرير عن أبي زرعة أنه كان إذا بايع رجلا يقول له : خيرني . . . ثم يقول : قال أبو هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يفترق بيعان إلا عن رضا " .

وأخرج ابن جرير عن أبي قلابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يا أهل البقيع لا يتفرقن بيعان إلا عن رضا " .

وأخرج البخاري والترمذي والنسائي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ، أو يقول أحدهما للآخر : اختر . . . " .

أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح وعكرمة { ولا تقتلوا أنفسكم } قالا : نهاهم عن قتل بعضهم بعضا .

وأخرج ابن المنذر عن مجاهد { ولا تقتلوا أنفسكم } لا يقتل بعضكم قال : بعضا .

وأخرج ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح . مثله .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن السدي { ولا تقتلوا أنفسكم } قال : أهل دينكم .

وأخرج أحمد وأبو داود وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عمرو بن العاص قال : " بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم عام ذات السلاسل ، احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد ، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك ، فتيممت به ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح ، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ذكرت ذلك له فقال : يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب ؟ قلت : نعم يا رسول الله ، إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد ، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك ، وذكرت قول الله { ولاتقتلوا أنفسكم } فتيممت ثم صليت . فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا " .

وأخرج الطبراني عن ابن عباس " أن عمرو بن العاص صلى بالناس وهو جنب ، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له ، فدعاه فسأله عن ذلك ، فقال : يا رسول الله خشيت أن يقتلني البرد ، وقد قال الله تعالى { ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما } فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم " .

وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وابن المنذر عن عاصم بن بهدلة . أن مسروقا أتى صفين فقام بين الصفين فقال : يا أيها الناس أنصتوا ، أرأيتم لو أن مناديا ناداكم من السماء فرأيتموه وسمعتم كلامه ، فقال : إن الله ينهاكم عما أنتم فيه ، أكنتم منتهين ؟ قالوا : سبحان الله . . ! قال : فوالله لقد نزل بذلك جبريل على محمد ، وما ذاك بأبين عندي منه ، إن الله قال { ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما } ثم رجع إلى الكوفة .