فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا ضَرَبۡتُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلَا تَقُولُواْ لِمَنۡ أَلۡقَىٰٓ إِلَيۡكُمُ ٱلسَّلَٰمَ لَسۡتَ مُؤۡمِنٗا تَبۡتَغُونَ عَرَضَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا فَعِندَ ٱللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٞۚ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبۡلُ فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمۡ فَتَبَيَّنُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٗا} (94)

يأيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا( 94 )

أخرج البخاري في صحيحه بسنده عن ابن عباس قال : كان رجل في غنيمة له فلحقه المسلمون فقال السلام عليكم فقتلوه وأخذوا غنيمته ؛ فأنزل الله تعالى ذلك إلى قوله { عرض الحياة الدنيا } تلك الغنيمة( {[1501]} ) ؛ وفي الصحيحين عن المقداد( {[1502]} ) بن الأسود أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار ، فاقتتلنا ، فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ، ثم لاذ مني بشجرة ، فقال أسلمت لله ، أأقتله يا رسول الله بعد أن قالها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 'لا تقتله " فقال : يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي ثم قال ذلك بعدما قطعها ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقتله فإنك إن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال " ؛ وفيهما عن أسامة بن زيد قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم ، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم ، فلما غشيناه قال لا إله إلا الله ، فكف الأنصاري عنه ، وطعنته برمحي حتى قتلته ، فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " يا أسامة أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله " ؟ قلت : كان متعوذا ؛ فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم ؛ { كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم } كنتم قبل أن تهدوا إلى الإسلام كهؤلاء الذين قتلتموهم ، لكن الله تعالى أنعم عليكم ، فشرح صدوركم للحق ، فترفقوا بالخلق وائتوا إليهم ما تحبون أن يؤتى إليكم ، ولا تتهموا من دخل في الدين بأنه مصانع ، { فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا } تثبتوا من حال مَن تلقون ، وتذكروا أن المولى محيط علمه بعمل كل عامل فاعملوا خيرا لتنالوا الخير .


[1501]:عند غير البخاري: وحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ديته إلى أهله ورد عليهم غنيماته.
[1502]:هو المقداد بن عمرو الكندي، رضي الله عنه.