معاني القرآن للفراء - الفراء  
{أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَتَكُونَ لَهُمۡ قُلُوبٞ يَعۡقِلُونَ بِهَآ أَوۡ ءَاذَانٞ يَسۡمَعُونَ بِهَاۖ فَإِنَّهَا لَا تَعۡمَى ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَلَٰكِن تَعۡمَى ٱلۡقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ} (46)

وقوله : { فَإِنَّها لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ46 } الهاء ( هاء عماد ) تُوَفي ( بها ) إنّ . يجوز مكانَها ( إنَّه ) وكذلك هي قراءة عبد الله ( فإنه لا تعمى الأبصَار ولكن تعمى القلوب التي في الصّدور ) والقلبُ لا يكون إلا في الصدر ، وهو توكيد مما تزيده العرب على المعنى المعْلومِ ؛ كما قيل { فصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ في الحَجِّ وسَبْعَةٍ إذا رَجَعتُم تِلْكَ عَشَرةٌ كامِلَةٌ } والثلاثة والسَّبعة معلوم أَنهما عشرة . ومثل ذلك نظرة إليك بعيني . ومثله قول الله { يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ ما لَيْسَ في قُلُوبِهِم } وفي قراءة عبد الله { إنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُون نَعْجَةً وَلِى نَعْجَةٌ أٌنْثَى } فهذا أيضاً من التوكيد وإن قال قائل . كيف انْصرَف من العذاب إلى أن قَالَ : { وإنَّ يوما عند رَبِّك } فالجواب في ذلك أنهم اسْتعجلوا العذاب في الدنيا فأنزل الله على نبيّه { وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ } أي في أن ينزل بهم العذاب في الدنيا . فقوله { وَإِنَّ يَوْما عند رَبِّك } من عذابهم أيضاً . فهو متّفق : أنهم يعذَّبونَ في الدنيا والآخرة أشدّ .