الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَتَكُونَ لَهُمۡ قُلُوبٞ يَعۡقِلُونَ بِهَآ أَوۡ ءَاذَانٞ يَسۡمَعُونَ بِهَاۖ فَإِنَّهَا لَا تَعۡمَى ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَلَٰكِن تَعۡمَى ٱلۡقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ} (46)

وَبَّخَهُمْ تعالى على الغفلة وترك الاعتبار بقوله : { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرض فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا } [ الحج : 46 ] .

وهذه الآية تقتضي أَنَّ العقل في القلب ، وذلك هو الحق ، ولا يُنْكَرُ أَنَّ للدماغ اتصالاً بالقلب يوجب فساد العقل متى اختل الدماغ .

وقوله : { فَتَكُونَ } : نصب بالفاء في جواب الاستفهام صُرِفَ الفعلُ من الجزم إلى النصب .

وقوله سبحانه : { فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأبصار } لفظ مبالغة كأنه قال : ليس العمى عَمَى العين ، وإنما العمى كُلَّ العمى عَمَى القلب ، ومعلوم أن الأبصار تعمى ، ولكن المقصود ما ذكرنا ؛ وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم : ( لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ ) ، وَ ( لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِهَذَا الطَّوَافِ ) ، والضمير في { أنَّها } للقصة ونحوها من التقدير .