مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَتَكُونَ لَهُمۡ قُلُوبٞ يَعۡقِلُونَ بِهَآ أَوۡ ءَاذَانٞ يَسۡمَعُونَ بِهَاۖ فَإِنَّهَا لَا تَعۡمَى ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَلَٰكِن تَعۡمَى ٱلۡقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ} (46)

{ أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِى الأرض } هذا حث على السفر ليروا مصارع من أهلهم بكفرهم ويشاهدوا آثارهم فيعتبروا { فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ ءاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا } أي يعقلون ما يجب أن يعقل من التوحيد ونحوه ويسمعون ما يجب سماعه من الوحي { فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فِى الصدور } الضمير في { فإنها } ضمير القصة أو ضمير مبهم يفسره { الأبصار } أي فما عميت أبصارهم عن الإبصار بل قلوبهم عن الاعتبار . ولكل إنسان أربع أعين : عينان في رأسه وعينان في قلبه ، فإذا أبصر ما في القلب وعمي ما في الرأس لم يضره ، وإن أبصر ما في الرأس وعمي ما في القلب لم ينفعه ، وذكر الصدور لبيان أن محل العلم القلب ولئلا يقال : إن القلب يعني به غير هذا العضو كما يقال «القلب لب كل شيء » .