تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَتَكُونَ لَهُمۡ قُلُوبٞ يَعۡقِلُونَ بِهَآ أَوۡ ءَاذَانٞ يَسۡمَعُونَ بِهَاۖ فَإِنَّهَا لَا تَعۡمَى ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَلَٰكِن تَعۡمَى ٱلۡقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ} (46)

42

46 - أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ .

أفلم يسافر أهل مكة في البلاد ، ليشاهدوا مصارع الكفار ، فيعتبروا بما حل بهم من النكال والدمار ، وقد كانت قبيلة عاد بالأحقاف في جنوب الجزيرة ، وكانت قبيلة ثمود في شمال الجزيرة بين الحجاز والشام ، وكانوا يمرون على هذه القرى في رحلة الشتاء ، ورحلة الصيف ، لكنه مرور الغافلين ، وهنا يفتح عيونهم ويرشدهم إلى التعقل والتدبر ، أي : هلا تدبرت قلوبهم وعقولهم ما أصاب هذه الأمم ، وهلا وعت أسماعهم أحاديث هلاكهم ، إن القلب الواعي يعتبر ، أما القلب الذي أصابه العمى ، فلم يبصر الحقائق ، ولم يتدبر ولم يتعظ بغيره ، فلا أمل فيه .

فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ .

ليس العمى على الحقيقة عمى البصر ، وإنما العمى عمى البصيرة ، فمن كان أعمى القلب ، فلا يعتبر ولا يتدبر مهما كان بصره سليما .

قال الشاعر :

وإذا كان القلب أعمى عن الرشد *** فماذا تفيده العينان ؟

وفي الحديث الشريف : ( إن النور إذا دخل القلب اتسع له الصدر وانشرح ، قيل : يا رسول الله ، هل لذلك من علامة ؟ قال : نعم ، التجافي عن دار الغرور ، و الإنابة إلى دار الخلود ، والإستعداد للموت قبل نزول الموت ) ثم تلا قوله تعالى : أفمن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ . . . xxxiv ( الزمر : 22 ) .